على بعد 100 كلم جنوبي دمشق، تتربع محافظة السويداء على قمة يطلق عليها جبل العرب. تقطن المحافظة طائفة الموحدين الدروز.
ينتشر الدروز في السويداء وجرمانا وصحنايا بريف دمشق، إضافة إلى منطقة حضر القريبة من القنيطرة، وهضبة الجولان، وقرى في جبل السماق بريف إدلب.
استطاع الدروز طيلة الألف عام التي تلت نشوء مذهبهم الحفاظ على وجودهم رغم تعاقب الدول والأنظمة التي حكمت المنطقة. ورغم أن هذه الطائفة تنتشر فقط في بلاد الشام، باستثناء الهجرات إلى أوروبا وأمريكا الجنوبية، إلا أن الروابط بين دروز المنطقة عميقة ومتداخلة.
ويعتبر دروز سوريا رغم نسبتهم القليلة مقارنة بباقي المذاهب والطوائف في البلاد، مؤثرين في المشهد الثقافي والسياسي والفني تاريخيا. والسوريون يربطون اسم السويداء بالطائفة الدرزية وبسلطان باشا الأطرش، القائد العام للثورة السورية الكبرى التي اندلعت ضد الاستعمار الفرنسي عام 1925، والذي رفض حينها الاقتراحات الفرنسية بإقامة دولة درزية، وعزز انتماء الطائفة الوطني، كما رفض كثير من دروز الجولان قرار إسرائيل بضم المنطقة إليها، وشاركوا في احتجاجات عام 1982 ضد القرار، قبل أن تتغير قناعة بعضهم في السنوات الأخيرة.
الدروز.. التاريخ والحاضر
إن الدروز لعبوا دوراً بارزاً في تاريخ سوريا الحديث، وتحديداً خلال 3 مراحل مهمة، حيث شاركوا في الثورة العربية الكبرى إلى جانب قوات الشريف حسين، وكانوا في طليعة المقاتلين الذين دخلوا دمشق عام 1918. وتذكر العديد من المصادر أن سلطان الأطرش (1891-1982) كان من بين أول من رفع علم الثورة فوق مبنى البلدية.
وفي مرحلة ما بعد استقلال سوريا، حتى انقلاب حزب البعث (1946-1963)، انخرط الدروز في السلك العسكري والسياسي وبرزت العديد من الشخصيات الوازنة منهم.
الهجمات الارهابية
في السنوات الماضية، وفي ظل صعود الجماعات الارهابية في سوريا، تعرّضت مناطق في جبل العرب الى هجمات وحشية ودموية، حيث استخدمت “داعش” عناصرها المسلحة في تنفيذ عمليات انتحارية تسببت في سقوط أكثر من 250 قتيلاً وخطف 36 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال،
ردّ أهل السويداء على هذه الهجمات كان قويًا، حيث تمكنوا من تنظيم مقاومة شرسة ضد داعش والدفاع عن أرضهم ومجتمعهم. وتمكنوا من صد هجمات داعش وطردهم من المنطقة.
تلك المواجهة أظهرت قوة وتصميم أهل السويداء في مواجهة التنظيمات الإرهابية، ورغم الخسائر البشرية الكبيرة التي لحقت بالمنطقة، إلا أن القوة والإرادة العالية سمحت بإعادة الاستقرار تدريجيًا وإعادة الحياة إلى المنطقة المتضررة.
الاسهم تشير الى اتجاه هجوم داعش
صور التشيع في محافظة السويداء جثامين عشرات الضحايا الذين سقطوا جرّاء الهجمات الإرهابية