يروى أنه وبعد مرور سنوات عدة على مرور معركة المزرعة بين ثوار الجبل والجيش الفرنسي، توجه 5 شبان سوريين للتعلم في إحدى جامعات فرنسا، وذات يوم جاء محاضر لإلقاء محاضرة عن تاريخ الحضارة العربية والشرقية. وسأل عن الطلاب فعرف أنه بينهم 5 طلاب سوريين. فقام بإلقاء سؤال عليهم وهو مَن يعرّف معنى كلمة “المزرعة”؟ فبدأ الطلاب السوريون بالاجابة:
الأول: المزرعة هي الأرض المزروعة أو البستان
فأجابه المحاضر: كلا
الثاني: المزرعة هي الضيعة أو القرية الصغيرة التي تعتمد على الزراعة.
فرد المحاضر: كلا أخطأتَ
الثالث: هي البساتين المزروعة بأنواع الاشجار والنباتات التي تحف باخضرار الطبيعة
المحاضر: كلا ليست هي
الرابع : هي كما ذكر الزملاء لكن شرط أن تتواجد مزارع الدواجن فيها أيضاً
المحاضر: كلا ولا هذه… ألا تعرفون معنى المزرعة؟
فانتفض الخامس، وكان درزياً موحداً من الجبل: أنا أعرفها أيها المحاضر
المحاضر: تفضل
الطالب: المزرعة هي أرض تقع في محافظة السويداء في دولتنا سورية. وفيها وقعت معركة المزرعة بين الجيش الفرنسي المستعمر المتطور المدجج بأنواع الاسلحة الثقيلة المتطورة من الطائرات والدبابات وحتى المجنزرات والرشاشات والمدافع تحت قيادة الجنرال الداهية ميشو.. وبين أهلي وعشيرتي الثوار الأشاوس أبطال الجبل الذين كانوا لا يملكون إلا بنادق الصيد والسيوف والبلطات وبعض البنادق العثمانية التي اكتسبوها من انتصاراتهم السابقة على المستعمر العثماني. وكانوا تحت قيادة الزعيم العربي الدرزي البطل سلطان باشا الاطرش الذي أصبح بعد هذا القائد العام للثورة العربية الكبرى ضد المحتل وغيره من المجاهدين الذين استبسلوا في هذه المعركة ودحروا المستعمر الفرنسي وكادوا أن يقضوا عليه تماماً. وأصابوا قائده الجنرال ميشو والذي فرّ هارباً مثخنًا بالجراح وكان من القلائل الذين هربوا وبقيوا على قيد الحياة. ليشهدوا على عظم الهزيمة. وانتكاسة أعظم جيش في حينها. واكثر الجيوش تطوراً وعتاداً. ذلك رغم الفوارق العظيمة وافتقار خصومه الدروز لأدنى الآلات العسكرية والعدة الحربية. لكن باستبسالهم وشجاعتهم وقوة شكيمتهم وشدة فروسيتهم استطاعوا دحر العدو عن أرضهم. وألحقوا به أكبر هزائمه التاريخية. فاستقلّت سورية.. وانطلقت شرارة الثورة السورية الكبرى التي أدّت الى استقلال الارض السورية من أيدي المستعمرين.
وتُوّج المجاهد البطل سلطان باشا الاطرش بلقب القائد العام للثورة السورية الكبرى. وطويت صفحة الانتدابات والاستعمارات عن كل الوطن العربي. بهمة أبائنا الأشاوس وأجدادنا الضراغم.
فصاح المحاضر: صدقتَ … صدقتَ.
صفقوا له. صفقوا له.
وأنا ميشو !
نعم، لقد كان هذا المحاضر هو ميشو جنرال الجيش الفرنسي وقائده في هذه المعركة غير المتكافئة، والذي هرب بعد إصابته بجروح بالغة. ثم هرب وعاد الى فرنسا ليُشفى. ثم يبدأ بمزاولة مهنة المحاضر في الجامعات عن التاريخ الحديث، وتاريخ العرب وتاريخ الشرق الحديث… ليجمعه القدر بهذا التلميذ البطل ابن وحفيد أبطال الثورة السورية المجاهدين.. وليصفق له ويشهد له ولأبائه وأجداده وأبطال الثورة بالنصر وأمام كل الموجودين في المحاضرة وبصرخة خالدة ومن لسان ميشو نفسه:
صدقتَ … صدقتَ.
صفقوا له. صفقوا له.
وأنا ميشو !