وُلِد نديم قاسم في 15 مايو/أيار 1931 في بلدة راما الفلسطينية. كان ذلك اليوم هو مشهد لبداية قصته الفريدة، كابنٍ ثالثٍ للأبوين يوسف وعفيفة قاسم. لكن الأيام الأولى لنديم لم تكن خالية من الصعوبات، فالقدر جعله يودع والدته في وقت مبكر، حينما كان عمره لا يزيد عن بضعة أشهر. تبنته قلبًا وروحًا ابنة عمه غزالة، وكأنها أمه الحقيقية.
تزوج والده نديم بـ”خالته فدوى” في عام 1934 وأنجب 5 أطفال آخرين. بعد ذلك بوقت قصير، خلال الانتفاضة الفلسطينية ضد الاستعمار البريطاني في عام 1938، اضطرت عائلته للانتقال إلى عاليه في لبنان، حيث التحق نديم بالمدرسة لمدة عامين في المدرسة الوطنية.
في عام 1940 عادت العائلة إلى فلسطين حيث أكمل نديم تعليمه في المدرسة الابتدائية في راما. ونظرًا لأدائه الأكاديمي المتميز، تم اختياره كواحد من 25 تلميذًا من جميع أنحاء فلسطين للالتحاق بالمدرسة الثانوية في الكلية العربية الرياضية في القدس. تخرج نديم من الكلية العربية في عام 1947 بشهادة الثانوية الفلسطينية. تم تحويل الكلية العربية إلى جامعة في عام 1948، نفس العام الذي توفي فيه والد نديم وبدأت الحرب.
للحفاظ على سلامة أخوته الأصغر سنًا، سافر مرة أخرى إلى عاليه، هذه المرة كلجوء. بقي أخوته الأكبر سنًا، قاسم وشكيب، في راما لحماية منزل العائلة وأرضها. رفض نديم العيش في مخيم للاجئين أو قبول المساعدات من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA). بدلاً من ذلك، عمل نديم بشكل حثيث ليلاً ونهارًا ليعيل عائلة مكونة من ثمانية أفراد، ويستأجر شقة مكونة من غرفتين، ويشتري الطعام والملابس، ويوفر التعليم الخاص لثلاث شقيقاته وشقيقيه. من أجل تحقيق هذه الأهداف، عمل نديم كمعلم في مدرسة القديس يوسف في عالي خلال النهار، وقام بإعطاء دروس خصوصية في اللغة الإنجليزية في المساء.
في عام 1952، عادوا إلى راما حيث عمل نديم في مدرسة القرية. ومع ذلك، بسبب نقص المدارس الثانوية في القطاع العربي، ورغبة في تعليم أخواتهم بشكل أفضل، تأسست مدرسة راما الثانوية بمساهمة من شكيب ونديم وشخصين آخرين، حيث قام نديم بتدريس العربية والإنجليزية والرياضيات. بقيت مدرسة راما الثانوية بقيادة شقيقه شكيب، أكثر المدارس الثانوية نجاحًا في البلاد. كان شكيب هو المدير من عام 1957 حتى وفاته في عام 1987.
في عام 1955، شجع شكيب نديم ودعمه لمتابعة دراسة الطب. درس نديم وتم قبوله في مدرسة الطب هاداسا في الجامعة العبرية في القدس. من أجل حضور مدرسة الطب، كان عليه أن يتعلم اللغة العبرية. تعلم اللغة بنفسه وتحدث بها بطلاقة. خلال ست سنوات في المدرسة الطبية، كانت هناك العديد من المفاجآت والتحديات، إلى جانب نشاطه في الدفاع عن حقوق الأقليات العربية في التعليم والصحة والبنية التحتية، وتطوير مدنهم وقراهم. لعب نديم دورًا حاسمًا في تنظيم الطلاب وإنشاء “لجنة الطلاب العرب الجامعية” التي ترأسها لمدة ثلاث سنوات. تم التعرف على اللجنة من قبل إدارة الجامعة وساعدت في حل مجموعة متنوعة من المشكلات التي تواجه الطلاب العرب من إسكان إلى المساعدات المالية والحصول على تصاريح السفر.
في عام 1961 تخرج الدكتور قاسم من مدرسة الطب وبدأ تدريبه الداخلي في عام 1962، تلاها فترة تدريبه في طب الباطنة والبحث السريري في مركز هاداسا الطبي في الجامعة العبرية. في عام 1965 انتقل إلى مستشفى الإدارة القديمة في نيويورك، في البرونكس، حيث استمر في تخصصه في طب الباطنة والجهاز الهضمي، وأصبح زميلًا كبيرًا في نفس المؤسسة في عام 1970. انضم بعد ذلك إلى صناعة الأدوية، وتقدم في مسيرته المهنية ليصبح نائبًا أولًا ومديرًا طبيًا أولًا في شركة واحدة مع الاستمرار في مزاولة مهنته الخاصة كطبيب باطني وجهاز هضمي. خلال تلك السنوات، كان مديرًا طبيًا لمنزل القديس يوسف للمسنين، وشغل هذا المنصب لأكثر من 25 عامًا حتى اعتزل في عام 2004.
شارك نديم مع المجتمع الدرزي الأميركي منذ أوائل السبعينيات حتى وفاته في عام 2013. تم انتخابه رئيسًا في عام 1981. ساعد في إنشاء فرع تراي-ستيت للجمعية الدرزية الأميركية ولعب دورًا حيويًا في تنشيط لجنة الشؤون الدينية من خلال استقطاب أفراد مخلصين جدًا بما في ذلك الدكتور عنتر عبيد، والسيد سماح حلال، والدكتور عبد الله نجار، والسيد حسن عز الدين والراحل النشيط الدكتور وهبي الصايغ الذي تم بموجب رئاسته نشر خمسة كتب للجنة الشؤون الدينية وتحضير الأدعية. كان عضوًا مؤسسًا في الجمعية الدرزية الأميركية وعضوًا في لجنتها لإصلاح الشؤون الدينية.
من يعرف الدكتور قاسم يعلم أنه كان فخورًا بتراثه وثقافته وعائلته وإيمانه بالتوحيد. كان متحمسًا لتوحيد جميع العرب حول العالم. على الرغم من أن هذا الملخص القصير يقدم نظرة عامة على حياته، إلا أنه يلمس سطح هذا الرجل المحبوب والمحترم والمكرم الذي سيتذكره الكثيرون.