قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ﴿لقد خلقنا الانسن في احسن تقويم﴾[1]، وقال ايضاً: ﴿ خلق الانسن* علمه البيان﴾[2] وغيرها الكثير من الآيات الشريفة التي تدل على ان الله عز وجل جعل الانسان اشرف المخلوقات وسخر له جميع الموجودات لكي تتم به العبادات.
لقد شاء الله سبحانه وتعالى ان يخلق هذا العاقل الحي الناطق المتحرك ويميزه عن كافة المخلوقات بخصال وصفات يمتاز بها عن غيره. فهو العاقل بما فيه من العقل، وهو الحي بما فيه من النفس، وهو الناطق بقدرته على النطق والكلام، وهو المتحرك بما يقوم به من الاعمال السابقة والتالية.
ان قدرة الانسان على درك المعلومات وتحليلها هي بسبب النعمة الالهية التي وهبه اياها سبحانه وتعالى. فالعقلُ رحمة من حيثُ هو الحدّ الذي به يعقلُ العبدُ ما أرادهُ الرحمنُ الرحيم أن يعقل ﴿إنّ في ذلكَ لآياتٍ لقوم يعقِلون﴾[3].
والنفس ايضا صفة مميزة اختص بها هذا الكائن المنفرد بصفاته الخاصة، فهي بمثابة الصورة القابلة للخير المتمثل بـ ” العقل” والشر المتمثل بـ ” الجهل” معا، فمن عرف نفسه عرف ربه. ان قدرة الانسان على التعبير محدودة بالكلمة التي ينطق بها، وزمانه محدود بالسابق أي ما سبق من أعمال، والتالي وهو ما يتلوه من إحداث الوجود عينه.
بناء على ما سبق، يتبين لنا ان حدود الانسان تتوقف عند العقل والنفس والكلمة والسابق والتالي من الافعال.
ان الموحدين الدروز استناداً للآية الكريمة ﴿من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره﴾[4] يعتقدون ان كل انسان مسؤول عن أعماله حيث قال الرسول(ص):” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”. فبقدر ما تقل ذنوبه ترفتع درجته والعكس صحيح.
اللهم انا نسألك ان نكون ممن عنيتهم بقولك ﴿والوزن يومئذن الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون﴾[5] ولا تجعلنا من الذين قيل فيهم ﴿ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسرواأنفسهم بما كانوا بئياتنا يظلمون﴾[6]. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.