سمحت الشريعة الموسوية بالطلاق، وحَرَّمته المسيحية، فالطلاق الذي سمح به التشريع قسوة مكروهة، والمسيحية جاءت لتعرَّف الناس انَّ عقد الزواج عقد مقدس وله حرمة، فلا ينبغي ان تُفكّ روابطُ الأسرة لمجرَّد هوىً أو نزوة أو حظ نفس، بما يتخطى قوانين النواميس التي وضعت لخير الإنسانية وسعادتها. فحرّمت المسيحية الطلاق وكانت تلك حكمة العصر المسيحي.
وجاء الإسلام ليؤكد قدسيّة العقد الزوجي فأسماه ميثاقاً غليظاً، وليؤكد حرمة الحياة الزوجية بجعلها آية من آيات التفكُّر في قدسيّة الخالق الذي جمع الزوجين الذكر والانثى، بما لا يقل أهمية عن اشارة المسيحية إلى قيمة هذا الجمع، كما ورد عن النبي(ص): ما زال جبريل يوصي بالمرأة حتى ظننت انه لا ينبغي طلاقُها إلاّ من فاحشةٍ مبينةٍ.
وقول النبي الأعظم هذا، يبيّن لنا حكمة التشريع في زمن المسيحية، بتحريم الطلاق الاّ لعلّة الزّنا كما ورد في الإنجيل.
وليس تشريع الطلاق في الإسلام الاّ تأكيد على حُرمة الحياة بما يحفظ قدسيّة التشريع، إذا ما لجأت إليه البشرية حلاًّ اضطرارياً لا مندوحة عنه.
ولأن قدسية الزواج تقتضي ان تكون الأسرة بناءً متراصاً يشدُّ بعضُه بعضاً وفاقاً ووداً وتراحماً. فإذا حُرِّم الطلاق مع استمرار حال عدم الوفاق والعمران الأسري، غشت على حياة الزوجين سحب دكناء من الكآبة والكمد، وهذا يمس حرية الإنسان الذي وضعت التشريعات من اجله. فتغدو قدسية العقد الزوجي رباطاً يشدُّ بخناق حرية الإنسان، الحرية اللائقة بالنفوس الأبية، وليست حرية المزاج والهوى، ويغدو القيد المقدس حبل إعدام، وتشديداً لا يجدي نفعاً في المحافظة على قداسة الزواج. وهذا ما رعاه الإسلام فحلل الطلاق حيث قال رسول الله (ص): )أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق[.
وقد عدد قانون الأحوال الشخصية للطائفة الدرزية النقاط التي توجب إصدار القرار بالطلاق على الشكل التالي:
- المادة 37: لا ينحل عقد الزواج بالطلاق إلا بحكم قاضي المذهب.
- المادة 38: لا تحل للرجل مطلقته أبداً بعد صدور حكم القاضي بالتفريق بينهما.
- المادة 39: إذا ظهر للزوجة من عيوب المقاربة قبل أو بعد الزواج أن زوجها مصاب بعلة لا يمكنها معها مساكنته بلا ضرر كالجذام والبرص والزهري وما شابهها، فلها أن تراجع القاضي وتطلب التفريق. فإذا كانت العلة غير قابلة الشفاء فيحكم القاضي بالتفريق في الحال وإذا كان من أمل بزوال العلة فيؤجل القاضي التفريق سنتين على أن يقرر في الحال الفصل المؤقت بين الزوجين، وإذا لم تزل العلة خلال هذه المدة ولم يرض الزوج بالطلاق وأصرت الزوجة على طلبها يحكم القاضي بالتفريق. أما العاهات كالعمى والعرج فليست سبباً للتفريق.
- المادة 40: إذا كان الزوج مصاباً بالعنة فللزوجة أن تطلب التفريق متى ثبت طبياً ان هذه العنة غير قابلة للشفاء.
- المادة 41: إذا جن الزوج بعد عقد الزواج وراجعت الزوجة القاضي طالبة التفريق فالقاضي يؤجل النظر بالطلب مدة سنة وإذا لم يزل الجنون في خلال هذه المدة وأصرت الزوجة حكم بالتفريق.
- المادة 42: للزوجين أن يفسخا عقد الزواج بالتراضي ويتم هذا الفسخ بإعلانه بحضور شاهدين أمام القاضي الذي يصدر حكماً به.
- المادة 43: إذا حكم على الزوج بجريمة الزنا فاللزوجة ان تطلب التفريق وإذا حكم على الزوجة بجريمة الزنا وطلقها زوجها لهذه العلة يسقط عنه مؤجل المهر.
- المادة 44: إذا حكم على الزوج بعقوبة الحبس لمدة عشر سنوات فأكثر وقضى منها في خمس سنوات متتالية كان للزوجة أن تطلب التفريق في ختام هذه المدة.
- المادة 45: إذا اختفى الزوج أو تغيب ثلاث سنوات وتعذر تحصيل النفقة منه فالقاضي يحكم بالتفريق بطلب الزوجة.
أما إذا تيسر تحصيل النفقة فلا يجاب طلبها إلا إذا مر على الغيبة خمس سنوات بدون انقطاع وإذا حكم على الزوج الحاضر بالنفقة وتعذر تحصيلها منه مدة سنتين فللزوجة أيضاً أن تطلب التفريق.
- المادة 46: إذا حكم بفسخ زواج امرأة لغيبة الزوج وتزوجت بآخر ثم ظهر الزوج الأول فظهوره لا يوجب فسخ الزوج الأخير.