لمواجهة تحدياتِ الزمنِ بالإيمان والجهاد الأكبر لصون مكارم الأخلاق
وجّه شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى رسالة ذكرى المولد النبوي الشريف جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المُرسَلينَ وعلى آلِهوصحبِه الطاهرينَ الطيِّبين،
إخواني المسلمين العارفين، أحبّائي الموحِّدين المعروفيِّين، أيُّها المؤمنون الراسخونَ في إسلامِهم وإيمانِهم وإحسانِهم، أيُّها الأخوةُ والأخوات…
تُطِلُّ علينا ذكرى المولدِ النبويِّ الشريف هذه السنةَ إطلالةَ الشمسِ بعد ليلٍ قاتمٍ مرير؛ ليلٍ مُثقلٍ بالمآسي والانحرافات والصراعات المدمّرة؛ ليلٍ طويلٍ بات العالَمُ فيه بأمسِّ الحاجة إلى النور، وهل من نورٍ أشدُّ سطوعاً من ذكرى ولادةِ الهدى والرحمة، في زمنٍ أُهينتِ فيه الفضيلةُ وانتشَتِ الرذيلة، واستولتِ الشهواتُ البهيميةُ على القلوب، وسيطر ظلامُ المادة وطغيانُها على العقول، وافتقدتِ البشريةُ إلى الإنسانيةِ والرحمةِ في مجتمعاتِها، وابتعدتْ عن المبادئ الإيمانية والقيمَ الروحية ومكارم الأخلاق.
إنَّه زمنُ الرذيلة، لا زمنَ الفضيلة، ذلك الذي عبَّرنا عنه بالشعر يوماً فقلنا:
ونعيشُ في زَمَنٍ، غريبٌ أمرُهُ
يَضعُ الحقيرَ على الأريكةِ واليا
زمنٌ عَلَتْ فيه الرّذيلةُ مُذْ غَدا
ثَوْبُ الفَضِيلةِ مُستعاراً بالِيا
اضاف: “إنّها الحقيقةُ المؤلمةُ التي تحتاجُ إلى إشراقةِ الإيمانِ وولادةِ الهُدى والرحمةِ في النفوس، وإلى إطلالةِ الأملِ المُنبعِثِ من ظُلمةِ الظُلمِ ومن ظُلم الظَّلام؛ ظُلمةٍ سبَّبتها زحمةُ الأهواء وفوضى الحريّات، وظلامٍ جسّده فكرٌ إبليسيٌّ شيطانيٌّ في أكثرِ من ساحةِ ومَيدان، أكان في الميدان العسكري أو التربوي أو الاجتماعي أو الاقتصاديِّ أو العلمي أو البيئي، ناهيك عن غضب الطبيعة العارم؛ زلزلةً وفيضاناً وتغييراً مناخياً مُبشّراً بعواقبَ وخيمةٍ ستكونُ أكثرَ شدّةً وإحراجاً إذا لم تتصدَّ لها البشريةُ جمعاءُ بتفاهماتٍ عاليةِ المستوى والتزاماتٍ رفيعةِ الصِّدقيةِ وخططٍ عمليةٍ متقدّمة وقَسَمٍ عالميٍّ واحد باحترام توازنِ الطبيعة التي منحنا إيَّاها الخالقُ سبحانه وتعالى وأحسنَ صَنعَها على أتمِّ ما يكونُ من النظام.
ألا بُوركتِ الذكرى وبُوركَ التاريخُ الذي وُلِدَ فيه سيّدُ المرسلينَ مُبشّراً ونذيراً، مبشِّراً يُبشّرُ بالخير والسلام، ونذيراً يُنذرُ وينبّهُ إلى مخاطرِ مسالك الشرّ والصدام، وهو (ص) مَن كان “داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً”. فالدعوةُ دعوتُه والسراجُ هو روحُه وهو عينُه؛ دعوةٌ تُرشدُ إلى الصراط المستقيم والنّهجِ القويم، وسراجٌ يُنير دربَ الصعودِ للسال