خاص “كيان 24”
يتاح لمن يدخل حديقة الشاعر العربي الفلسطيني سميح القاسم أن يقطف الكثير الكثير من الألقاب الشعرية التي أطلقها عليه كبار النقاد والمفكرين والكتّاب والشعراء. وإذ يبقى لقب شاعر فلسطين والثورة والمقاومة وشاعر الشمس أكثرها سطوعا وتداولا، فسميح القاسم شاعر تعالى على الألقاب وتسامى فوق الهم الفردي وقضية الذات المنشغلة بعالمها الخاص، ليدخل مدار الهم الجماعي، خصوصا ذلك الهم الوجودي المنشغل بصياغة رؤية محتلفة للثورة الفلسطينية، التي شغلت حيّزا كبيرا في شعريّة العبور نحو أفق جديد للحرية والتحرر وكسر القيود التي فرضها الإنكسار العربي في مرحلة الإنهزام، وما رافقها من حاجة إلى الشعر المقاوم لاستنهاض روح الثورة، فكان النضال بالقلم وبالقصيدة لا يقلّ شأنا عن النضال بالبندقية. لذا آثر القاسم أن يمسك بناصيّة الحرف وفاعليّة الكلمة علّه يوقظ ضمائر الحكام والمسؤولين والمتقاعسين، فألهب بقصائده مشاعر ومسامع الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لأكثر من ثلاثة عقود متجاوبا مع قضاياهم ورؤاهم، فحوّل وظيفة الشعر من فاعليّة تابعة لحركات التحرير والتحرر إلى فاعلية موجَهة للعقل الفلسطيني الباحث عن فضاء للوطن وللوجدان المنكسر محوّلا أياه إلى وجدان ثائر يؤمن بقضية وحق وينشد العدالة بانتفاضة حجارة حينا وحناجر مقاومة حينا آخر، ورصاصات تتصدى لجبروت المحتل كل حين.
نشأته
ولد سميح القاسم الحسين في الأردن في مدينة الزرقاء، في 11 ايار من العام “1939 م” وهو من مدينة صفد، من قرية الرامة في الجليل، من عائلة درزيّة الأصل. والده “محمد القاسم حسين” ووالدته “هنا شحادة محمد فياض”، متزوّج من “نوال سلمان حسين” حيث رزق منها أربعة أبناء هم: “وطن محمد، عمر، ياسر ووضّاح” وأربعة أخوة هم “محمود، سامي، سعيد وقاسم” وأختان هما “شقيقة، وصديقة”.
نشا سميح القاسم في بلدة الرامة في فلسطين المحتلة، حيث درجت العادة على تسميتهم بعرب ال ” 48″ فتعلّم في مدرسة الرامة ثم الناصرة، ثم عمل مدرّسا للغة العربية، وصحفيا ومحرّرا، حيث تزامن ذلك مع انخراطه بالعمل السياسي في الحزب الشيوعي، الذي استقال من صفوفه لينصرف بعد ذلك إلى مزاولة نشاطه الأدبي والفكري والوطني والتفرّغ للكتابة والتاليف والإبداع.
سجنه
سجن سميح القاسم عدة مرات، كما وضع رهن الاقامة الجبرية والاعتقال المنزلي من قبل سلطات الإحتلال الاسرائيلي بسبب مقاومته قرار فرض التجنيد الإجباري على أبناء طائفته من شباب الموحدين الدروزجرّاء مواقفه السياسية وكتاباته الشعريّة، كما طرد من عمله بسبب نشاطه الأدبي والشبابي والسياسي، وهدد بالقتل أكثر من مرّة، في وطنه وفي الخارج. ويكشف القاسم عن محاولة في العام 1958 لمغادرة الوطن بحثا عن افق جديد للحرية بعد أن اشتد الخناق عليه وارتفع منسوب تهديده وتهديد عائلته، لكن تدخّل بعض أقاربه أفشل تلك المحاولة، حيث كان حينها قد منع من المشاركة في مهرجان شعري ضخم.
أعماله وشهرته
كتب سميح القاسم الشعر والنثر والمسرحية، فأغنى المكتبة العربيّة والعالميّة بعشرات المؤلفات التي شغلت حيّزا بارزا في الثقافة المعاصرة،إذ تجاوزت السبعين كتابا، شكل الشعر عمودها الفقري اضافة الى كتبه النثرية ومسرحياته، كما كتب المقالة في عدد من الصحف والمجلات الفلسطينية والعربية والعالمية.
تُرجمت أعمال سميح القاسم الأدبيّة إلى الكثير من لغات العالم، أبرزها الانجليزية والفرنسية والاسبانية والروسية والإيطالية والتركية، وغيرها من اللغات العالمية. ومنح على ضوئها جوائز ودروع وأوسمة وشهادات تقدير متنوعة، إضافة إلى منحه عضوية الشرف في مؤسسات عدّة، حيث نال جائزة “غار الشعر” من إسبانيا، وونال جائزتين فرنسيتين تقديرا لمختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الأديب المغربي عبد اللطيف اللعبي، كما حصد جائزة البابطين، ونال مرّتين “وسام القدس للثقافة” من الرئيس الراحل ياسر عرفات، كما حصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة “السلام” من واحة السلام، وجائزة “الشعر» الفلسطينية.
نشر سميح القاسم مجموعته الشعرية الأولى قبل أن يبلغ عمره 19 سنة، واصدر المجموعة الشعرية الثانية في العام 1964. وفي أوائل الستينيات من القرن الماضي شغل القاسم عدة مواقع صحفية أبرزها في مجلة الغد وفي صحيفة الاتحاد اليومية في حيفا، وكان له مساهمة فاعلة في إنشاء دار الأرابيسك للنشر في حيفا في العام 1973، كما أدار معهد الفنون الشعبية في حيفا ليتراس بعد ذلك اتحاد الكتاب العرب في فلسطين.
شغل القاسم موقع عضو لجنة المبادرة الدرزية وفي اللجنة الوطنية للدفاع عن الراضي العربيّة. كما شغل موقعا فخريا بتوليه مهام التحرير في مجلة ” كل العرب”.
مؤلفاته
توزّعت أعمال سميح القاسم ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة. وهي بحسب موسوعة ويكيبيديا التالية:. مواكب الشمس -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1958م) أغاني الدروب -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1964م) إرَم -سربية- (نادي النهضة في أم الفحم، مطبعة الاتحاد، حيفا، 1965م) دمي على كفِّي -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1967م) دخان البراكين -قصائد- (شركة المكتبة الشعبية، الناصرة، 1968م) سقوط الأقنعة -قصائد- (منشورات دار الآداب، بيروت، 1969م) ويكون أن يأتي طائر الرعد -قصائد- (دار الجليل للطباعة والنشر، عكا، 1969م) إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل -سربية- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1970م) قرقاش -مسرحية- (المكتبة الشعبية في الناصرة، مطبعة الاتحاد، 1970م) عن الموقف والفن -نثر- (دار العودة، بيروت، 1970م) ديوان سميح القاسم -قصائد- (دار العودة، بيروت، 1970م) قرآن الموت والياسمين -قصائد- (مكتبة المحتسب، القدس، 1971م) الموت الكبير -قصائد- (دار الآداب، بيروت، 1972م) مراثي سميح القاسم -سربية- (دار الآداب، بيروت، 1973م) إلهي إلهي لماذا قتلتني؟ -سربية- (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1974م) من فمك أدينك -نثر- (منشورات عربسك، مطبعة الناصرة، 1974م) وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم! -قصائد- (منشورات صلاح الدين، القدس، 1976م) ثالث أكسيد الكربون -سربية- (منشورات عربسك، مطبعة عتقي، حيفا، 1976م) الكتاب الأسود -يوم الأرض- (توثيق، مع صليبا خميس)، (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1976م) إلى الجحيم أيها الليلك -حكاية- (منشورات صلاح الدين، القدس، 1977م) ديوان الحماسة / ج 1 -قصائد- (منشورات الأسوار، عكا، 1978م) ديوان الحماسة / ج 2 -قصائد- (منشورات الأسوار، عكا، 1979م) أحبك كما يشتهي الموت -قصائد- (منشورات أبو رحمون، عكا، 1980م) الصورة الأخيرة في الألبوم -حكاية- (منشورات دار الكاتب، عكا، 1980م) ديوان الحماسة / ج 3 -قصائد- (منشورات الأسوار، عكا، 1981م) الجانب المعتم من التفاحة، الجانب المضيء من القلب -قصائد- (دار الفارابي، بيروت، 1981م) الكتاب الأسود -المؤتمر المحظور- (توثيق، مع د. إميل توما)، (مطبعة الاتحاد، حيفا، 1981م) جهات الروح -قصائد- (منشورات عربسك، حيفا، 1983م) قرابين -قصائد- (مركز لندن للطباعة والنشر، لندن، 1983م) كولاج -تكوينات- (منشورات عربسك، مطبعة سلامة، حيفا، 1983) الصحراء -سربية- (منشورات الأسوار، عكا، 1984م). برسونا نون غراتا: شخص غير مرغوب فيه -قصائد- (دار العماد، حيفا، 1986م) لا أستأذن أحداً -قصائد- (رياض الريس للكتب والنشر، لندن، 1988م) سبحة للسجلات -قصائد- (دار الأسوار، عكا، 1989م) الرسائل -نثر- (مع محمود درويش)، (منشورات عربسك، حيفا، 1989م) مطالع من أنثولوجيا الشعر الفلسطيني في ألف عام -بحث وتوثيق- (منشورات عربسك، حيفا، 1990م) رماد الوردة، دخان الأغنية -نثر- (منشورات كل شيء، شفاعمرو، 1990م) أُخْذة الأميرة يبوس -قصائد- (دار النورس، القدس، 1990م) الأعمال الناجزة (7 مجلّدات) (دار الهدى، القدس، 1991م) الراحلون -توثيق- (دار المشرق، شفاعمرو، 1991م) الذاكرة الزرقاء (قصائد مترجمة من العبرية- مع نزيه خير)، (منشورات مفراس، 1991م) الأعمال الناجزة (7 مجلّدات) (دار الجيل، بيروت، 1992م) الأعمال الناجزة (6 مجلّدات) (دار سعاد الصباح، القاهرة، 1993م) الكتب السبعة -قصائد- (دار الجديد، بيروت، 1994م) أرضٌ مراوغةٌ. حريرٌ كاسدٌ. لا بأس! -قصائد- (منشورات إبداع، الناصرة، 1995م) ياسمين (قصائد لروني سوميك- مترجمة عن العبرية، مع نزيه خير)، (مطبعة الكرمة، حيفا، 1995م) خذلتني الصحارى -سربية- (منشورات إضاءات، الناصرة، 1998م) كلمة الفقيد في مهرجان تأبينه -سربية- (منشورات الأسوار، عكا، 2000م) سأخرج من صورتي ذات يوم -قصائد- (مؤسسة الأسوار، عكا، 2000م) الممثل وقصائد أُخرى (منشورات الأسوار، عكا، 2000م) حسرة الزلزال -نثر- (منشورات الأسوار، عكا، 2000م) كتاب الإدراك -نثر- (منشورات الأسوار، عكا، 2000م) ملك أتلانتس -سربيات- (دار ثقافات، المنامة-البحرين، 2003م) عجائب قانا الجديدة -سربية- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2006م) مقدمة ابن محمد لرؤى نوستراسميحداموس -شعر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2006م) بغداد وقائد أُخرى -قصائد- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2008م) بلا بنفسج (كلمات في حضرة غياب محمود درويش) – (منشورات الهدى، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2008م) أنا مُتأسّف -سربية-(منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2009م) مكالمة شخصية جداً (مع محمود درويش)-شعر ونثر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2009م) كولاج 2 -شعر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2009م) لا توقظوا الفتنة! -نثر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، 2009م) كتاب القدس -شعر- (إصدار بيت الشعر، رام الله، 2009م) حزام الورد الناسف -شعر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2009م) الجدران (أوبريت) -شعر- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2010م) أولاد في حملة خلاص -حكاية شعرية لبيرتولد بريشت (مترجمة عن العبرية)- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2010م) ملعقة سُمّ صغيرة، ثلاث مرّات يومياً -حكاية أوتوبيوغرافية- (منشورات إضاءات، مطبعة الحكيم، الناصرة، 2011م) إنها مجرّد منفضة -سيرة (الجزء قبل الأخير)- (دار راية للنشر، حيفا، 2011م) منتصب القامة أمشي -مختارات شعرية- (منشورات الأسوار، عكا، 2012م) هواجس لطقوس الأحفاد -سربية- (منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت) ومنشورات كل شيء (حيفا)، 2012م) كولاج 3 -شعر- (منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت) ومنشورات كل شيء (حيفا)، 2012م) العنقاءوقصائد أخرى (منشورات اضاءات، الناصرة، 2012 م.) غوانتانامو وقصاد أخرى (منشورات اضاءات، الناصرة، 2012 م.) بغض النظر – مجموعة شعرية (منشورات اضاءات، الناصرة، 2012 م.).
وفاته
بعد صراع مع مرض سرطان الكبد الذي استبد به على مدى ثلاث سنوات ، قاوم خلالها سميح القاسم بالصبر والإيمان والإستهزاء من الموت، وصولا إلى مواجهته بالكتابة حتى آخر نفس، إلى أن تدهورت حالته الصحية في الأيام الأخيرة، وافته المنية يوم الثلاثاء الموافق 19 آب من العام 2014.