يتمتع العالم الفني دومًا بقدرات فنانين متميزين يتركون بصماتهم الخاصة على مشهد الفن. من هؤلاء الفنانين المتميزين والذين أسهموا بشكل كبير في غناء وكتابة الأغاني الشعبية وكتابة الدراما وإنتاج الأفلام الوثائقية، نجد الشاعر والملحن وكاتب الدراما سعدو الذيب.
بدايات النجاح
سعدو الذيب وُلد في جبل العرب بسوريا عام 1954، وكانت حياته مليئة بالتحديات والصعوبات، حيث نشأ في أسرة محدودة الدخل، ورغم هذا، فقد نُشِرت لديه قيم إنسانية قوية من قبل أسرته، تضمَّنت الأمانة والكرم والشهامة.
درس في مدارس قريته ومن ثم في المدارس في مدينة السويداء، حيث برزت موهبته الأدبية وكتابته الشعرية في سنواته المبكرة. أثناء دراسته في الثانوية، كتب مقالات أدبية نُشِرت في مجلة “جيش الشعب”، حيث بدأ يشق طريقه في عالم الأدب.
التوجه نحو الفن
بعد انتهائه من الثانوية، دخل جامعة دمشق والتحق بكلية الآداب في قسم الفلسفة. بعد فترة، انتقل إلى دول الخليج العربي حيث عمل في حقل الثقافة لثلاث سنوات في جريدة “اليوم”. في تلك الفترة، كتب خواطر وشعر. بعد ذلك، عاد إلى سوريا في عام 1986.
في سوريا، بدأت مسيرته الفنية تتجه نحو النجاح. التقى بالفنان الراحل فهد بلان، وهذا اللقاء كان نقطة تحول في حياته الفنية. ساهم بكتابة وتلحين العديد من الأغاني الشعبية التي أداها فهد بلان، منها “عالبال بعد يا سهل حوران” و “يوم على يوم”، والتي حققت شهرة واسعة وأصبحت جزءًا من التراث الغنائي السوري.
التحول إلى كتابة الدراما
سعدو الذيب لم يقتصر على كتابة الأغاني، بل امتدت موهبته لكتابة الدراما أيضًا. قدم تسعة أعمال درامية متنوعة، بدءًا من المسلسلات البدوية مثل “الدخيلة” وصولًا إلى الأعمال الكوميدية مثل “جحا 2003” والأفلام الوثائقية مثل “على الرصيف الآخر” و”شيخ الفنانين”. تميزت أعماله بمواضيعها المتنوعة والقوة السردية.
التراث الثقافي
من خلال أعماله الفنية، كان الذيب يسعى دومًا للمحافظة على التراث الثقافي والفني لسوريا. قدم مشاركات في أمسيات شعرية وثقافية، وكان عضوًا في لجان تحكيم مهرجانات فنية. تم تكريمه من قبل العديد من المؤسسات والجهات الفنية لمساهماته في الحفاظ على التراث اللا مادي.
الموهبة المتعددة
- كاتب الشعر والأغاني الشعبية: يبدو أن الشعر والكتابة في الشعر كانا من أوائل اهتمامات سعدو الذيب. من خلال كتابة الشعر الفصيح والعامي والقصائد الشعبية، وصل إلى قلوب الكثيرين. تواصل مع الناس من خلال كلماته وأبياته التي تعبِّر عن مشاعرهم وتعالج قضاياهم.
- ملحن: لا يقتصر دور الذيب على كتابة الأغاني فقط، بل يمتد ليشمل تلحينها أيضًا. قام بتلحين العديد من الأغاني التي أداها فنانون معروفون، وبذلك ساهم في تجسيد الأغاني وجعلها أكثر جاذبية.
- كاتب الدراما: تألق أيضًا في مجال كتابة الدراما، حيث قدم عدة أعمال درامية ناجحة. كتب مسلسلات بدوية وكوميدية ووثائقية، واستطاع من خلال قصصه وحبكته السردية أن يجذب الجمهور ويحقق نجاحًا في عالم الدراما.
- إنتاج الأفلام الوثائقية: على جانب آخر من موهبته، قام بإنتاج أفلام وثائقية ناجحة تتناول مواضيع متنوعة تروي تاريخ وثقافة سوريا. تميزت أفلامه بالتصوير الجميل والسرد المميز الذي يجذب المشاهدين.
- المشاركة في الأمسيات والمهرجانات: كان لسعدو الذيب مشاركات كبيرة في الأمسيات الثقافية والشعرية، حيث شارك في قراءة القصائد والشعر في عدد من المهرجانات والأحداث الثقافية. هذا يظهر تنوع موهبته واستعداده للمشاركة في مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية.
- الدور في الحفاظ على التراث الثقافي: على الرغم من تنوع مواهبه، إلا أن الذيب اتخذ من الحفاظ على التراث الثقافي السوري هدفًا رئيسيًا. عمل على توثيق الموروث الثقافي والأدبي من خلال أعماله في الشعر والأغاني والدراما والأفلام الوثائقية.
غيّب الموت الكاتب والشاعر والملحن الفنان سعدو الذيب، مساء 28 كانون الثاني 2018، عن عمر ناهز 64 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً فنياً وثقافياً خالداً حافلاً بالإبداع والتألق.و إن تأثيره على الفن الشعبي والثقافة السورية لن يُنسى، وسيظل إرثه الفني حيًّا ومستدامًا.