في رحاب سوريا، البلاد التي شهدت تنوعًا ثقافيًا ودينيًا غنيًا، يعيش اليوم ما يقرب من مليون درزي. ، وهم يشكلون نسبة تقارب الخمسة بالمئة (5٪) من إجمالي سكان هذا البلد العريق. يسكن غالبية الدروز في جبل حوران، المشهور باسم “جبل الدروز” أو “جبل العرب”، الواقع على بعد نحو 100 كيلومتر شرقي هضبة الجولان. ويجمع هؤلاء السكان في الجبل، حيث يتوزعون في المئات من البلدات، وهم يمثلون نحو 90٪ من السكان في هذا الإقليم.
ويعيش أيضًا الدروز في منطقة “الجبل الأعلى” أو “جبل السماق”، والتي تقع بالقرب من مدينة حلب. وفي هذه المنطقة، وهناك أربع عشرة قرية درزية ، و يوجد دروز آخرون في أربع قرى في منطقة الغوطة في دمشق.
يعتبر الدروز السوريون أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من وطن سوريا والقومية السورية. وقد لعبوا دورًا حاسمًا في تاريخ البلاد، حيث شهدوا تميزهم بالشجاعة والقوة عبر مرور العصور. دافعوا بقوة عن أرضهم واستمروا في تصديهم لأي تهديد يواجه وطنهم. بدءًا من المعارك التي خاضوها ضد الضابط العثماني إبراهيم باشا وجيشه في القرن التاسع عشر، وصولًا إلى الثورة التي قادها سلطان باشا الأطرش ضد الانتداب الفرنسي في بداية القرن العشرين.
الإرث التاريخي والثقافي
تشتهر المجتمعات الدرزية بتراث غني وتاريخ طويل. في سوريا، يمثل الموحدون الدروز حافظين على هذا التراث والثقافة. تمتلك هذه الجماعة نظامًا ثقافيًا فريدًا يتضمن الفلكلور والعادات والتقاليد التي تمتزج بأسلوب مميز. يشمل ذلك الأعياد والاحتفالات التي تعكس هوية الموحدين الدروز وتميزهم في المنطقة.
لا تقتصر إسهامات الموحدين الدروز على الثقافة فقط. في العديد من اللحظات التاريخية الحرجة، شكلوا قوة مهمة في مقاومة الاحتلال والظلم. خلال الفترة الفرنسية في سوريا، قاتل الموحدون الدروز بشجاعة ضد الاحتلال ولعبوا دورًا بارزًا في الثورة الكبرى عام 1925. كان لديهم تأثير كبير على مسار تحرير سوريا من الاستعمار.
يتميز الموحدون الدروز بالوفاء للوطن الذي يعيشون فيه. على مر العصور، أظهروا إخلاصهم لسوريا وتعاونوا مع مختلف الحكومات لخدمة البلاد. لم يتطلعوا إلى الانفصال أو تأسيس دولة مستقلة على الرغم من وجود فرص لذلك. هذا الوفاء للوطن هو جزء من قيمهم وعاداتهم.
الإسهام في الحياة الاقتصادية والاجتماعية
يشكل الموحدون الدروز جزءًا هامًا من النسيج الاجتماعي والاقتصادي في سوريا. يمتلكون أعمالًا وشركات ويشاركون في مختلف القطاعات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يساهمون في الحياة الاجتماعية من خلال مشاركتهم في الأنشطة الثقافية والاجتماعية، مما يثري التنوع الثقافي في سوريا.
تعدّ العلاقات الاجتماعية والثقافية المشتركة بين الموحدين الدروز وبقية المجتمعات في سوريا من العوامل التي تعزز التعايش السلمي في البلاد. رغم اختلاف الأديان والثقافات، يعيشون جنبًا إلى جنب بسلام واحترام متبادل.
في الختام، يمكن القول إن الموحدون الدروز في سوريا يشكلون جزءًا مهمًا من البنية الاجتماعية والثقافية والتاريخية للبلاد. إن إسهاماتهم الإيجابية في مجالات متعددة والوفاء لدولتهم تجعلهم مكونًا مميزًا في المجتمع السوري.
المحافظة على التقاليد
يحرص الموحدون الدروز على المحافظة على التقاليد والعادات القديمة، سواء في المناسبات الدينية أو الاجتماعية. يُظهر ذلك ارتباطهم العميق بالماضي واحترامهم لتاريخهم وهويتهم.
إن إرث الموحدين الدروز في سوريا يشكل جزءًا من الثقافة المتنوعة والغنية للبلاد، ويسهمون في إثراء التراث الثقافي للمنطقة.