متحفٌ في جبل لبنان، لا يُشبه غيره. يجمع بين الفنّ والطبيعة، فتُحاكي فيه المناظر الخلابة الصخور لتجعلها تنطق فنًّا وإبداعاً.
محترف متحف عساف في الورهانية من أجمل المتحاف التي قد تراها العين، ومن الأكثرها تميّزاً التي قد يزورها المرء، فهو مختلف تماماً. يقع هذا المتحف في لبنان، وبشكل أكثر تحديداً في وادي الورهانية الواقع في قضاء الشوف.
يهتمّ المتحف بالنظام البيئي كثيراً، كما الفن. فالمتحف مكرّس لدمج نفسه في البيئة المحلية، أي من خلال إعادة تقديم مجموعة متنوعة من الأشجار والنباتات المحلية التي توقفت فجأة عن النمو. هذا بدوره يرتبط ببرامجهم المليئة بالنحت الفني وخلق هندسةٍ معمارية مستدامة توضح كيف أن البيئة ومنتجاتها إبداعيين وفنيين بطبعهم. ولا يقتصر إهتمام المتحف على البيئة فحسب، حيث يقدم المشغل أيضاً جولات مخصصة بصحبة مرشدين لتعريف زواره على الفن في البيئة الايكولوجية، فضلاً عن حديقةٍ نباتية صغيرة وحديقة للمنحوتات ومنزل ريفي مع مقهى.
وفي حين يدعم المتحف بيئته الإيكولوجية، فهو يدعم أيضاً أعمال الفنانين داخل المشهد الفني اللبناني، من خلال عرض الفن العربي بالدرجة الأولى والاحتفال بصنّاع الفن السابقين. فعلى سبيل المثال، يوجد خارج المتحف تكريماً للكبير فريد الأطرش.
3 مبدعين
يقوم بهذا العمل المميّز 3 مبدعين وهم عساف ومنصور وعارف، الأشقاء الثلاثة الذين يشغلون المكان. جميعهم نحاتون من أبناء المنطقة من الطائفة الدرزية ويقومون بإدارة هذا المتحف الذي يعكس أصولهم. ورثوا المهنة عن والدهم، وتفتخر عائلتهم بتراثها الفني الغني من خلال نحت الحجر عبر الأجيال. ويقول الأشقاء إنّه في الوقت الذي يتغيّر فيه عالمنا البيئي بشكل كبير، كذلك يفعل الفن المنحوت فيه، بحيث يضمن إرثاً دائم التطور لفن النحت إلى جانب تراث طويل من الفن والحرف العربية.
تستغرق كلّ منحوتة عملاً ضخماً. ولعل من أهمّ الشخصيات التي جُسّدت خارج المحترف هي تمثال الأديب ميخائيل نعيمة. ويبدو أيضاً تمثال المعلم الشهيد كمال جنبلاط الضخم على كتف المحترف في الهواء الطلق، وهو مؤلف من 7 قطع كبيرة شكَّلت جدارية ضخمة. بالإضافة إلى هذه المنحوتات، هناك أخرى منها: الأمير فخر الدين، الأديب والفيلسوف جبران خليل جبران، الجرّاح اللبناني العالمي مايكل دبغي، الممثل حسن علاء الدين (شوشو)، الموسيقار والمطرب فريد الأطرش، الموسيقار فيلمون وهبي، الفنان نبيه أبو الحسن، الشاعر سعيد عقل، الصحافي غسان تويني، الشاعر طليع حمدان، الرسام وجية نحلة، وغيرهم.
وأخيراً، أعلن وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال اللبناني محمد وسام المرتضى إدراج المتحف على لائحة المتاحف الوطنية اللبنانية، لافتاً الى أن “لبنان كلّه معنيٌّ بهذا الجمال الذي تنامُ فيه الطبيعة على رَجاءِ القداسة، قداسةُ التاريخ في صيرورتِه التي تجمَّدتْ في الأمكنةِ وتحررتْ في الأزمنة”.
في هذا المتحف، الوصف لا يوازي المشاهدة.