إن النبي الخضر (ع)، هو من أهم الأنبياء في مذهب التوحيد الدرزي، وقد شُيّد العديد من المواقع لتخليد ذكره في فلسطين وسوريا ولبنان. أما المواقع الكائنة داخل حدود دولة فلسطين، فنجدها في قرية كفر ياسيف، وفي مدينة حيفا، وبالقرب من قرية دير الأسد، وفي بلدة دالية الكرمل؛ بالإضافة إلى عدد من المواقع في منطقة هضبة الجولان.
يُعتبر المقام الكائن في قرية كفر ياسيف أهم مواقع تخليد النبي الخضر (ع) في البلاد، حيث يزوره الموحدون الدروز في الخامس والعشرين من شهر كانون ثانٍ من كل عام. ويُعرف هذا المقام بـ”المقام الشمالي” بهدف التمييز بينه وبين المقام الغربي”، الذي هو مغارة النبي إلياهو في مدينة حيفا، والمقام الشرقي”، الموجود في بلدة البعنة – الذي هو دير الأسد.
ورد ذكر النبي الخضر (ع) والحديثُ عنه بتوسّع في سِفْرَي المُلوك “أ” و”ب” في العهد القديم من الكتاب المقدس، وكذلك في القرآن الكريم (في سورة الصافات (37)، على سبيل المثال). وفقًا لهذين الكتابين المقدَّسَيْن
(التوراة والقرآن)، عاش الخضر (ع) في البلاد المقدّسة أيّامَ حكمِ أَخْاَبَ وأحزّيا، ملكي فلسطين، اللذين عاشا، حسب التقديرات في القرن الـ 9 ق.م. يظهر النبي الخضر (ع) في الكتب المقدَّسة إنسانًا وحيدا، يحبّ الله جلّ جلاله، ويحرص على الإيمان بوحدانيته، ويدعو الناس إلى ذلك، ويحارب عبادة الأوثان، ويقاوم الجور والظلم والرذيلة، ولا يتورع عن الدخول في مُواجهات ومجابهات مع الملوك.
إن النبي الخضر (ع) شخصيّةٌ هامة مقدّسة، يكتنفها الغموضُ؛ ووفقًا للتراث التوحيدي الدرزي، فقد كان الخضر(ع) يساعد الضعفاء والمحتاجين، ويحارب من أجل إيمانه بالله جلّ جلاله وبوحدانيته، وقد اشتهر بقدرته على القيام بالأعمال الخارقة والمُعجزات. وشكّلت المعجزات التي قام بها النبي الخضر، عليه السلام، أساسا للكثير من الأساطير والقصص الشعبية، التي نُسِجَت حوله. ويرمز هذا النبي المشهور في التراث الديني الدرزي إلى العدل والفضيلة والكرم والسخاء ورحابة الصدر والشجاعة والبطولة.
يقع المقام في قرية كفر ياسيف بمنطقة يدعوها السكان “تين الخضر” في المقام ساحات واسعة جدا، فيها أشجار، وغرفةُ الضريح المُقَيَّبة، وخلوةٌ، وغُرَفٌ أخرى. ووفقًا لما تقوله الروايات، فإنّ النبي الخضر(ع) قد كان في هذا المكان، ومنذ ذلك الحين حلّت بركتُه فيه. وثمّةَ مَن يعتقدون أن ضريح الخضر (ع) موجود في موقع المقام، وذلك بخلاف ما يعتقده اليهود الذين يقولون إنّ إلياهو النبي (الخضر) (ع) لم يُدْفَنْ قط، بل “صَعِدَ فِي العَاصِفَةِ إلى السماء” (الكتاب المقدَّس، العهد القديم، سِفْر المُلوك “ب”، الأصحاح الثاني، الآية 11).
تقول إحدى الروايات القديمة إنّ النبي الخضر (ع) ، قد دُعِيَ بهذا الاسم ( الخَضِر”)، لاخضرار الأرض حوله إذا صلّى. وثمّةَ أسماء وألقاب أخرى للنبي الخضر (ع) ، فاسمه في العهد القديم من الكتاب المقدس (التوراة “إلياهو” أو “إلياهو هَتِشْبي” ؛ وفي القرآن الكريم ورد ذكره باسم “إلياس”، ويُدعى كذلك “الرجل / العبد الصالح “؛ أما لدى المسيحيين وفي العهد الجديد من الكتاب المقدس (الإنجيل)، فاسمه “إيليا” أو “مار إلياس”.