الفَضيلةُ الثانيةُ في مذهب التوحيد هي حِفْظُ الإِخْوانِ.
إن الاعتقاد بمذهب التوحيد هو المسلك الذي ينتظم فيه المُوحْدونَ، والرابط الذي يجعلهم جماعةً متماسكةً،
ومجتمعًا متكاملا، وطائفةً موحدة. تتكوّن طائفةُ المُوحّدين الدروز مِن عائلات مختلفة، ولا يعرفُ جميع الموحدين الدروز بعضَهم بعضًا بشكل شخصي، لكنّ بينهم أخوّةً طويلة الأمدِ توحّدُهم، وتخلقُ بينَهُمُ المسؤولية المشتركة والشعور بالتكافل.
وبحسب
فضيلة حفظ الإخوان، فإنّ الموحد يتحمّل مسؤوليّة الدفاعِ عن إخوانِهِ في المذهب، وعن شرفهم وكرامتهم، وعن أموالهم وممتلكاتهم؛ والامتناع عن التكبّر عليهم. كما تستوجب هذه الفضيلةُ أنْ تكون العلاقةُ بين المؤمنينَ المُوحّدين قائمةً على الوحدة والعطف، لا على الفُرقةِ والخِلاف وعندما ينشَبُ نزاع بينَ اثنينِ مِنَ المُوحْدِينَ، فَإِنْ مِن واجب بقيّةِ المُوحْدينَ العمل على إصلاح الحال وإحلال السلم، والحكم بالعدل والإنصاف والحق والنزاهة بينهما. ويجب التأكيد أيضًا أنّهُ ينبغي للمؤمن الموحد الوقوف إلى جانب أخيه الموحد، ما دامَ على حق. أما إذا لم يَكُنِ الوضعُ كذلك، فَإنّ ثمّةَ واجبًا أخلاقيا ملقى على عاتق الموحد بإعادة أخيه الضّال إلى سواء السبيل، بعد أنْ حادَ عن الصراط المستقيم. جاءَ في القرآن الكريم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ (سورة الحجرات (49)، الآية 10).
، وتتجسد فضيلة حفظ الإخوانِ في مديد العون إلى أبناء الطائفة في أوقات الشدة وفي مناسبات الفرح على حد سواء. وتتمثل هذه الظاهرة بأشكال مختلفة في المجتمع التوحيدي الدرزي؛ ففي المآتم، مثلا، يشارك الكثير من أبناء الطائفة في تشييع الجنازة ومراسم الدفن، كما يأتون إلى منزل عائلة الفقيد للمواساة والعزاء. وعندما يمرض أحد أبناء الطائفة في بلدة ما، فإنّ الكثيرينَ مِن أبناء البلدة، سواء القريبُ مِنهُم أَوِ البعيد، يعودونَهُ مُتَمَنِّينَ لهُ الصحْةَ والسلامةَ ويمُدّونَ لهُ ولعائلته يدَ العون والمساعدة. وفي المقابل، عندما تنعقد مناسبات الأفراح، كالأعراس والاحتفالات الأخرى، يجتمع أبناء العائلة والجيران والمعارف والأصدقاء في منزل أصحاب المناسبة، ويساعدونَهُم في الإعداد للاحتفال، وفي تزيين المنزل، ويشاركون في إعداد المأكولات، ناهيك عن مشاطرتهم فرحتهم إنّ هذه الأعمال وأشباهها تُعتبر واجبات دينيةً واجتماعيةً تَندَرجُ ضمنَ فضيلَةِ حفظ الإخوان في الدين والمذهب والطائفة.
نقلا عن التراث التوحيدي