إِنْ مقام النبي سَبَلان (ع) الكائن في قرية حرفيش، هو أحد الأماكن المقدَّسة الهامة لدى الدروز في فلسطين. يُعتبر النبي سبلان (ع) رجلًا صالحًا، عاش حياته متقشّفا زاهدًا، وقضى معظم وقته أثناء الليل والنهار في عبادة البارئ، جلّ ذكره، مُحبَّا له وداعيًا الناسَ إلى الإيمان به وبناءً على خواطر بعض المشايخ الأتقياء فيعتبر سيدنا سبلان (ع) من الأنبياء الكرام، وقد أقيم مقام على جبل سَبَلان في قرية حرفيش تخليدا لذكره، هو مقام النبي سيلان (ع).
الرواية
وفقًا لما تقوله الرواية، قامت مجموعةٌ منَ الكفّار، الذين عارضوا معتقدات النبي سبلان (ع) ونمط حياته، باضطهاده وملاحقته، مما اضطره إلى الهرب إلى قمة جبل سبلان بالقرب من قرية حرفيش، حيث وجد مخباً في مغارة صغيرة. وبحسب الرواية، فقد اكتشف أعداؤُه الذين كانوا يبحثون عنه المكان الذي كان يختبئ فيه، لكنْ في سبيل الوصول إليه، كان عليهم أن يقطعوا وادي الحبيس. وبينما هم في الوادي، أرسل الله جلّ جلاله غيمةً كبيرةً، تساقطت منها أمطار غزيرة في الوادي، ففاضت مياهه، مما أرغم أولئك الأعداء على التراجع.
وهكذا نجا النبي سبلان (ع ) منهم ومن شرهم. ونسبةً إلى ما حدث، يُدعى هذا المقطع من الوادي، والذي يقع جنوبي جبل سبلان، باسم “وادي الحبيس”، فالجذر “ح.ب.س.” في اللغة العربية يدلّ على الحجز. كذلك، فإن معنى “حبيس” في العربية “راهب متوحد منعزل”، وهذا المعنى أيضًا يلائم شخصية النبي سبلان (ع).
وبالاستناد إلى هذه الرواية، بقي سبلان (ع) في الجبل سنوات عديدة. وهناك من يزعم أنه قرّر في آخر حياته مغادرة المكان، والانتقال إلى قرية بكا في جبل الدروز في سوريا، حيث تُوفِّي ودُفن هناك. وتم إنشاء مقام فوق أرض هذا المَدفن، يُطلق عليه اسم مقام النبي سبلان (ع).
وصف المقام
يحتوي مقام النبي سبلان (ع) في قرية حرفيش، على عدد من المباني، وهي كالتالي: في قلب المبنى، تقع مغارةُ النبي سبلان (ع)، والغرفة التي فوقها. يُحكى أنّ سكّانَ المنطقة كانوا يأتون في الماضي بالأشخاص المشتبه في قيامهم بأية مخالفة أو جريمة إلى مغارة سبلان (ع ) ليُقسموا هناك أنّهم بريئون. ووفق ما تقوله الروايات، فإنّ مَن حلف داخل المغارة كذبًا وبهتانا أصيب بالعيّ في الكلام، ولم ينجح في إخراج أية كلمة من فيه، وبهذه الطريقة ميزوا الصادق من الكاذب. إن حجم المغارة صغير، وهي مكوّنةٌ من الصخور الطبيعية. وفوق غرفة المدخل هناك أربع قُبَب. يحتوي المبنى أيضًا على خلوة وعددٍ منَ الغُرف ومطبخ ومخازن، ناهيك عن الساحة الكبيرة التي يُمكنك أن تشاهد منها منظرًا رائعًا لقرية حرفيش ومحيطها.
في العاشر من شهر أيلول من كلّ عام، يحتفل الموحدون الدروز بالزيارة التقليدية السنوية لمقام النبي سبلان (ع).