تحتضن بلدة بعقلين في قضاء الشوف أكبر مكتبة في كامل البلاد تضم 140 ألف كتاب ونحو 300 ألف مطبوع، تعود إلى الحقبة العثمانية، عندما كانت قصراً تم تشييده زمن السلطان عبد الحميد الثاني في 1897، ثم تحولت عبر السنين إلى محكمة ثم مركزاً للبلدية فسجناً، قبل أن يتم ترميمها وتحويلها إلى مكتبة بدعم وإشراف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط، الذي قام بترميم المبنى وأسس المكتبة الوطنية في بعقلين، وقدمها للدولة، واستمر الحال كذلك حتى 1996، حيث قررت الحكومة إلحاق المكتبة بوزارة الثقافة مباشرة.
وفي بعقلين، التي تبعد عن العاصمة بيروت نحو 45 كيلومترا جنوباً، وترتفع عن سطح البحر حوالي 900 متر، لا تزال السراي العثمانية التي دشنت عام 1897 في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، تتوسط البلدة شاهدة على مراحل تاريخية عديدة من تاريخ لبنان الحديث، حيث بنيت لتكون مقراً للحكم، وتحولت في 1986 إلى مكتبة عامة بعد أن استعملت مدرسة ومقراً للمحكمة ومركزاً للبلدية.
يُستقبل زائر المكتبة، التي تعتبر أكبر وأغنى مكتبة عامة في كل لبنان، بالختم والشعار العثماني الذي ما زال يعلو مدخل المبنى، مرفقا ببيتين من الشعر باللغة العربية حول تاريخ بناء “السراي العثمانية”، ليدخل بعد ذلك الى الأروقة والأقسام التي وبالرغم من ترميمها وتجديدها، لا تزال تفوح منها عبق التاريخ الممزوج بـ”التراث اللبناني والعربي والإسلامي” الموجود في المكتبة.
وإلى جانب المكتبة، تحتضن بعقلين، “السبيل الحميدي” (نبع ماء)، الذي لايزال شامخا على إحدى التلال، جافا من المياه، محتاجا للكثير من الترميم والصيانة والاهتمام، تعلوه لوحة تؤكد أنه بُني في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1308 للهجرة (نحو 1890 للميلاد).
وكحال السبيل الحميدي، تتربع مقبرة تاريخية تعود للحقبة الزمنية نفسها، على سفح التلة ذاتها التي تضم سبيل الماء.
هذا ويرتفع في باحة المكتبة تمثالاً للقائد التاريخي، الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير.