في العام 1979 وفي السنة العالمية للطفل، لقبت السيدة الفاضلة والناشطة الاجتماعية والمناضلة الحقوقية زاهية مقصد سلمان بأم أطفال لبنان، بوصفها امرأة دافعت على مدى خمسين عاماً عن رفاه الأطفال في لبنان، واستطاعت أن تؤسس مراكز الرعاية النهارية في أرجاء الوطن منذ العام 1937. ومن ابرز انجازاتها أنها ثبتت تاريخ 22 أذار يوماً لعيد الطفل، حتى أنها أبقت الاحتفالات أسبوعاً في هذا العيد.
وكانت مؤمنة بمبادئ حقوق الطفل التي أُعلنت عام 1975، وبالإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عن الجمعية العموميّة للأمم المتحدة عام 1959، فعملت على تحقيقها وتكريسها في البيئة اللبنانية بكل جد وتضحية، فتابعت أدق التفاصيل لحماية الطفولة واعطائهم الامتيازات التي من شأنها تحصينهم على كافة المستويات، فشهرت ولاءها لهذه القضية الانسانية وحملتها ليس فقط في لبنان، بل جالت في كثير من دول العالم ودعيت لتمثل لبنان في كبرى المنتديات والمؤتمرات التي كانت تعنى بالطفولة فقدمت عشرات المحاضرات والافكار البناءة في هذا المجال، وكان لها بصمات فريدة في تطوير البرامج الاعلامية والصحية والاجتماعية والتربوية التي عززت ثقافة الاطفال وحمتهم من العنف والاستغلال وطالبت لهم بالرفاه الذي يعزز قدراتهم ومواهبهم ويوفر لهم المناخات الايجابية التي تنمي خيالهم وصحتهم.
العمل الانساني
ولدت زاهية مقصد سلمان في العام 1914 في أسرة محبة للعلم تقدس الحرية والعمل الانساني إذ كرست حياتها لتحقيق اهدافها النبيلة، حتى انها شاركت في كثير من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية المطالبة بحقوق الانسان والطفولة والقضايا النضالية ايضاً.
بدأت زاهية سلمان نشاطها من أجل الطفولة في لبنان منذ ثلاثينيات القرن العشرين، واستمرت حتى وفاتها في العام 2000 بعد أن أتعبتها الحياة والتجربة واقعدها النضال الطويل اولجهد والعمل المستمر، قبل أن تقعدها الشيخوخة.
من أجل الطفولة
ومن أبرز إنجازاتها أنها طالبت بمناسبة يوم الطفل عام 1985 بمؤتمر صحافي في دار نقابة الصحافة اللبنانية باعتماد السياسات التالية:
على الصعيد الاعلامي: الكفّ عن بثّ برامج العنف ومراقبة الأفلام الضارة وانشاء صندوق وطني لإنتاج البرامج والأفلام التربوية المفيدة، وتحريك المؤسسات الرسمية بهذا الخصوص.
على الصعيد الصحي: طالبت باعتماد سياسة وطنية تعتمد على الوقاية قبل العلاج، والتنسيق بين جميع أنواع الخدمات الصحيّة المقدّمة للطفل، والتأكد من وصولها الى التجمعات السكنيّة.
على الصعيد التربوي: طالبت باعتماد سياسة تربوية وطنية، وإقرار إلزامية التعليم المجّاني حتى التكميلي وتعميم رياض الأطفال على كل المدارس الابتدائية، وإنشاء دور حضانة في الأرياف، وتغذية برامج محو الأميّة، وتشجيع التعليم المختص لتأهيل وإدماج المعاقين في بيئتهم، وإعطاء موضوع الصحّة المدرسية الإهتمام الكافي، بالتعاون مع وزارة الصحة، وتحقيق الضمان الصحي للأطفال.
وذكّرت بمبادئ حقوق الطفل التي أُعلنت عام 1975، وبالإعلان العالمي لحقوق الطفل الصادر عن الجمعية العموميّة للأمم المتحدة عام 1959.
أوسمة مذهّبة
مُنحت السيدة سلمان الأوسمة الوطنية المذهّبة، ومنها وسام المؤسسة العالمية للعلم، وميدالية من مؤسسة توعية الحياة والثقافة، والخدمات الاجتماعية، والتي انتخبتها نائبة رئيس شرف.
علق رئيس الحكومة السابق سليم الحص وسام المعارف المذهب على صدر السيدة زهية سلمان رئيسة جمعية رعاية الطفل اللبناني.
وعلى مدى خمسين عاماً من التعليم والتدريس والنضال في حقل التربية وتكريما لمسيرتها واعمالها ونضالها أطلق اسمها على احدى ثانويات الغبيري والتي صارت تعرف باسم ثانوية زاهية سلمان المختلطة، وهي من انجح الثانويات، وكانت قد ترشحت للانتخابات النيابية في العام 1972، لكنها انسحبت لتمهد الطريق لغيرها من النساء اللواتي خضن المعترك السياسي.
رحلت زاهية سلمان ولكن بقيت أعمالها خالدة في ذاكرة الاجيال، خصوصا انها تحولت الى رمز من رموز النضال من أجل الطفولة.