تعتبر من ابرز عائلات حاصبيا وان لم تكن من اكبرها، الا ان دورها كان كبيرا وكان لابنائها دور جليل في الكثير من المواقف الصعبة والمحطات المصيرية، لا سيما ابان الاحتلال الاسرائيلي اذ لم ترضخ لشروطه ولمحاولاته فصل تاريخ شعب وتحريف نضالاته.
تقيم عائلة شــجــاع فــي بلدة حاصبيا الجنوبية، عاصمة وادي التيم التاريخية، وتنتمي هذه الــنــحــلــة الــكــريــمــة الــــى طــائــفــة الموحدين الــدروز، التي ساهمت عبر تاريخها في اعزازها واظهار الوجه الحضاري لها، وبذلك كان لها ارث كبير يتمثل بمسلكية رجال دين تخطوا حدود الطائفة الــى فضاﺀ من الزهد والتوحيد، ما رفع مكانتهم وذاع صيتهم، بالاضافة الى الــدور الكبير الذي ادوه من خلال حضورهم المميز في خلوات البياضة، قبلة العارفين والمتنورين وطالبي العلم من ابناﺀ طائفة الموحدين. وكان لـ “صدى البلد” حديث شيق مــع الشيخ فندي شجاع حول تاريخ العائلة، ولا سيما في المرحلة التي كان فيها والــده المرحوم الشيخ ابو فندي جمال الدين شجاع العقل الارجح والشيخ الاتقى في البياضة. وكان قد سبق اعتناقهم للدرزية في بلاد حلب قبل نزولهم وادي التيم.
وكــان منزلهم القديم حينها الاعلى في حاصبيا، وكانوا يملكون ثلاث آبار كبيرة لمياه الشفة، تكفي الخيل واهل البيت. واما املاكهم فكانت تضم مــرج الخيام، ارض الحولي امتدادا حتى سحمر في البقاع الغربي. الا ان الانتفاضة التي قاموا بها في وجه الاتــراك وقتلهم لــقــائــمــقــام مرجعيون الملقب “بالحنش” دفعا السلطنة بامر من والي الشام الى مصادرة اراضيهم.
آل شجاع يرجعون الــى اعلى سلالة عند العرب “آل هاشم”، ومنهم شخصيات دينية عديدة، سبعة منهم دفــنــوا فــي خلوات البياضة لما لهم من مكرمة عند اهل الدين، ولهذا الموضوع رمزية خاصة.
ومــن ابــرزهــم كــان الشيخ علي شجاع الــذي كــان والشيخ عباس نعمان قيس من مشايخ البياضة العواطف واسنى الشعائر المقرونة بصفاﺀ النية والمودة الخالصة نحو هذا العاجز الذي يباهي بمحبتكم ويــفــاخــر بــصــداقــتــكــم ويعتمد في نجاح وجائبه على ادعيتكم الصالحة ويعتبر ان وجود امثالكم من الابرار الصالحين ضمان وثيق لدفع المغارم عن البلاد واستدرار المغانم من كرم الباري ورحمته على العباد. امد الله لنا باعماركم ونفعنا بكم وبرفاقكم الاطهار من شيوخ البياضة الصالحين والنساك القانتين معالم الاقــتــداﺀ ومنار، الاهتداﺀ وارجو ان تتكرموا بقبول تحياتي المشفوعة بالاحترام لكم ولسائر رفقائكم الاجواد الكرام، ولا تحرمونا الرضى والدعاﺀ على الدوام”.
ومــا هــذه الــرســالــة الا شهادة بمكانة الشيخ وموقعه. وهــذا ما يدل على ان هناك سرا في العلاقة ما بين آل شجاع وخلوات البياضة وهــي عــبــارة عــن مجالس دينية وخلوات عديدة تحيط بالمجلس الكبير ويعتبر اقدمها خلوة الشيخ ابــو علي حسين شــجــاع، وتعود ملكيتها الــيــوم لــورثــة المرحوم الشيخ ابو حسن وهبة العيسمي كما يذكر الاستاذ المؤرخ غالب سليقة.
الشخصية الأبرز
اما الشخصية الابرز في تاريخ هذه الاسرة فكان سماحة الشيخ جمال الدين شجاع (1991-1907)، الملقب بذي العقلين لما بلغه من علم وحكمة ولم تنضب ذاكرته حتى انــه في ايامه الاخيرة كان يـــروي حــوالــي الالـــف بيت شعر.
في العام 1925 شارك في الثورة الكبرى ضد الفرنسيين في موقع تلّ الذهب عند مدخل الحاصباني مع عدد من المجاهدين وكــان لا يــزال يبلغ من العمر سبعة عشر عاما، وفــي سنة 1934 توفي والــده الشيخ فندي شجاع الذي تتلمذ على يديه ونال علوم الحكمة في خــلــوات البياضة، فتولى بعقله وحكمته تدبير شــؤون المنطقة.
وخاض التحدي الكبير ابان النكبة الفلسطينية الــعــام 1948 الى جــانــب الشيخ عبدالله ابــو خير والشيخ امين طريف، اذ كان له الفضل والـــدور الكبير في ثبات دروز فلسطين في ارضهم، وحينها بعث لهم مع قائمقام عكا يقول: “الطلعا بالايد والرجعا مش بالايد، اثبتوا بارضكم”، فكان موقفه عربيا باستمرار وكانت تربطه علاقة صداقة ومودة متبادلة مع كمال جنبلاط الذي قال لهم مرةً “انت الاعقل في الطائفة، ولو كان رأيــك شيئا ورأي الجميع مخالفا لاخترت رأيك”.
وكـــان حــريــصــا عــلــى العيش المشترك، وابــان الحرب الاهلية التي عصفت في لبنان، تشهد منطقة وادي التيم عليه عندما حرّم الفتنة بين الاهل في المنطقة او الاعــتــداﺀ على احــد انــمــا كان حريصا على حماية هذا النسيج الــذي جعل من المنطقة نموذجا يحتذى. ويــروي احــد ابناﺀ البلدة من الطائفة المسيحية واسمه “فارس ابو بريم” كيف وقف الى جانبهم بعدما علم ان سبب عدم وجود خوري في رعيتهم عدم توفر الامكانيات، فلم يتردد لبرهة في الدفع من ماله ورزقــه لاعــزاز ابناﺀ بلدته.
وكانت تربطه علاقات متينة بشخصيات عربية وقومية لا سيما عبد الحليم غالب سفير مصر زمن الوحدة، والامام موسى الصدر.