المرجع الشيخ أبو سعيد أمين أبو غنّام، علماً من أعلام طائفة الموحدين الدروز، تُوّج في أواخر عام 2006 بأيادي الفاضل الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين بالعمامة المكولسة اعترافاً بفضله وتقديراً لسلوكه وأعماله ومناقبه واعتباراً بمكانته الدينية.
ولد الشيخ أبو غنّام في قرية عرمون في شهر آب من عام 1915. اتّجه إلى المذهب الحنيف ووضع كل ثقله واهتمامه في التعاليم الدينية فنشأ مع مجموعة من إخوانه في ذلك الوقت نشأة دينية عارمة وبرزوا كعصبة من الإخوان تهتم بالأسس والمبادئ والتعاليم وتدعو الناس إلى الخير وإلى إتّباع المسلك الشريف. وقد كان سند هذه الجماعة ومعلمها ومرشدها وراعيها فضيلة الشيخ التقي الديّان المرحوم الشيخ أبو حسين محمود فرج الذي أصبح لهم الهادي والمعلم والدليل فكان نعم المرشد المفيد وكانوا نعم الطالب المكمل المستفيد.
التقوى والورع
وقد برز مع الوقت الشيخ أبو سعيد بالحلم والتقوى والورع وكان يروّض نفسه على مزاولة الأعمال الخيرية وتلاوة آيات الذكر وعمل كل ما فيه مصلحة الطائفة والإخوان فأصبح مضرباً للأمثال في البلاد برجاحة عقله وسداد رأيه واتساع حلمه واكتسب ثقة مشايخ الدين عامّة ورضى ودعم الشيخ أبو حسين محمود فرج. وقد كرّمه بتلبيسه العباءة البيضاء المقلمة ليصبح من أعيان البلاد. وقد تركّز الشيخ أبو سعيد في الجهد والزهد والقراءة والحفظ والمطالعة في بيته فكانت خلوته في منزله وكان هذا البيت محجّاً ومزاراً ومقصداً لرجال الدين من كل حدب وصوب يأتون للاجتماع بالشيخ أبي سعيد والتعبّد وإيّاه والقيام بالفروض والواجبات.
في عام 1991 دعا الشيخ أبو سعيد إلى تشييد خلوة في عرمون وتمّ بعونه تعالى إنجاز هذا المشروع فأحدث فيها الشيخ نهضة دينية واسعة وأصبحت مع الوقت محجّة للشيوخ والشباب التائبين تعجّ بالمستجيبين والمريدين.
الوداع في عرمون
بهدوء وخشوع الأتقياء الكبار رحل الشيخ الفاضل الذي أغمض عينيه راضيا مرضيا بعد أن فاضت روحه الطاهرة علم وتقوى وعرفان، وبعد أن قام بواجباته الدينية خير قيام ليصبح المثل والمثال في عبادة الله على درب التوحيد، ليترك وراءه صيتاً حسناً وسيرة محببة محمودة عند الكثيرين من اهل التوحيد ومن اصدقائه واقربائه ومحبيه وبين المشايخ الأجلاء، الذين يقدِّرون عطاءاته وما بذله من قيم روحية وما قام به من جهود مثمرة في سبيل توحيد الطائفة وتماسكها والوصول بها إلى برّ الامان في كل المحطات وكافة المراحل.
في 19 كانون الأول 2013، وبمأتم مهيب حاشد في عرمون، ودعت طائفة الموحدين الدروز، بهيئتها الروحية ومشيخة العقل وأجاويدها وقياداتها وفاعلياتها وعموم أبنائها، المرجع التوحيدي الجليل المرحوم الشيخ أبوسعيد أمين أبوغنام. حيث أمت وفود المشيعين من أبناء الطائفة الدرزية من مختلف مناطق الجبل والجنوب وراشيا وحاصبيا والبقاع ومن بيروت.
وتحدث خلال التأبين الشيخ ماجد ابو سعد فذكر بمناقب وفضائل الراحل، ثم كانت كلمة شكر باسم العائلة، وألقى شيخ العقل نعيم حسن كلمة نوه فيها بالراحل وقال: “بالرضى والتسليم لمشيئته تعالى، نودع اليوم شيخا فاضلا كريما عينا من اعيان زماننا، وعلما من الاعلام الشاهدة على الرسوخ في السبيل القويم والنهج السليم، ونفحا عطرا طيبا من نفحات اهل التوحيد والسلف الصالح الذين بذلوا في الله مهجتهم، فعمت في البرايا بركتهم، وعلت بالحق كلمتهم”. ثم أمّ الصلاة على جثمانه الطاهر قبل مواراته الثرى في بلدته عرمون.