شارك مستشار شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ عامر زين الدين وممثله في لقاء “جسور الحوار” الذي أطلقه نادي REACT في مدرسة يسوع ومريم- الربوة في قرنة شهوان، جرى تنظيمه إنطلاقًا من “وثيقة الأخوة الإنسانيّة من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” الموقّعة من شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيّب وقداسة البابا فرنسيس، وذلك من قبل لجنة الحوار المسكوني وحوار الحياة، برعاية وحضور راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة المطران أنطوان بو نجم.
وألقى زين الدين كلمة كلمة باسم شيخ العقل الشيخ سامي أبي المنى قال فيها: “إنّ الحوارَ والسلام نابعان من الروح الأخوية التي يجب أن تجمع اللبنانيين على اختلاف مذاهبِهم، بعيداً عن التعصّب والتقوقع والعدائية، “إذ ليس الدين، بل علاقاتُنا الاجتماعية الخاصة بنا، وأخلاقُنا وثقافتنا هي التي تربطنا ببعض”، كما يقول كمال جنبلاط. إنه رباط جماعي وأخلاقي، أقرب إلى القومية أو إلى الوطنية منه إلى التعصب الديني”، رباطٌ يحضّ على الوحدة والتكاتف بين أبناء الوطن والأمّة، ويُشدِّد، من جهةٍ ثانية، على احترام المذاهب والأديان جميعِها، لأن “العدل في التخيير”، لا في الإكراه والجبر، حيث لكلّ مسلكٍ ومذهب تعاليمُه وطقوسه وأحكامه، وليس امتلاكُه الحصري للحقيقة”.
أضاف: “إنّ التوحيد الذي ننتمي إليه، كموحِّدين، يحثُّنا على السعي المستمر لكي تمتلكنا تلك الحقيقةُ ولكي نعيشَها، بالصدق أولاً، في استشعار وجود الخالق تعالى وحسن الاعتقاد به وبأنبيائه وبكتبه وبثوابه وبيوم حسابه وبقَدَره، وبتهذيب النفس والأخلاق ثانياً، وبحفظ الناس والتأدّب في صحبتهم ومعاملتهم “بالتي هي أحسن” في جميع الأحوال، كما جاء في كتاب سماحة شيخ العقل المنشور في العام 2017 بعنوان: “الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان.. رؤية الموحِّدين الدروز”.
وتابع: “إنّ الروح الإنسانيّة المُحِبّة، والرغبة الصادقة في عيش الأخوّة والسلام هي ما يؤكّده الموحِّدون بكل ما تعنيه تلك الروح من حسن تعايشٍ ومحبةٍ ورحمة وأخوَّة واندماجٍ وانفتاحٍ على الثقافات، لذلك يُمكنُنا القول إنّ بناء جسور الحوار لا يمكن أن تعني هدمَ البناء الخاص بكل عائلةٍ روحية، بل إنّ التمسكّ بالهوية الطائفية الخاصة لا يجبُ أن يتعارضَ مع الانفتاح والحوار والعيش الواحد ومع المصالح العليا للوطن، لأننا جميعُنا مرتبطون، رغم التحديات والمتغيّرات، بتراثنا وهويّتنا الثقافيّة، ومتمسكون بالخصوصيّة ومعتزُّون بالانتماء الديني والثقافي، مع الرغبة والحريّة في السعي نحو الاندماج والتكامل مع الغير؛ وهنا يكمن التحدّي المزدوج، الأول في ضرورة وأهمية الانفتاح وعدم التقوقع والانغلاق والتعصّب، والثاني في مسؤولية تثقيف الشباب وتربيتهم تربية دينية واجتماعية ووطنية سليمة، كي لا يفقدوا هويّتهم وتراثهم وقِيَمَ مجتمعهم الغنيّة، جهلاً أو استخفافاً أو ضعفاً أمامَ الكثير من المغريات والتيّارات، وكي يبقوا محافظين على دورهم الوسطيّ وموقعهم الوطنيّ. إنّ صفة التسامح عند أهل الحوار تغلب على أية صفةٍ أخرى، معتبرين “أنّ تنازع البقاء يؤدّي إلى الفناء”؛ ولذا فإنهم داعون دائماً إلى نبذ التنازع والصراع والفئوية القاتلة، وإلى المصالحات والعودة إلى الذات، وإلى الانخراط في صيَغ الدولة الجامعة والمتطوّرة والعادلة والحاضنة للجميع. إنّ الحوار، بكلّ أنواعه ومستوياته، بدءاً من الحوار مع الذات وتنقيتها، هو المفتاح السحريّ الذي يبني جسور الحوار ويُدخِلُ المجتمع والناس إلى رحاب الحقيقة والسلام. ليكون الدين بحقيقتِه صلةَ وصلٍ وربطٍ وسلام، لا عاملَ فصلٍ وقطيعةٍ وصدام”.
وختم: “فلندركْ جميعُنا أنَّ لبنانَ هو النموذجُ الصالح لتحقيق مثلِ هذا الهدف الحلم، انطلاقاً من فرادته المتنوّعة وصيغة دستوره الجامع. ولنكن واثقين بأن اللبنانيين، إذا ما عادوا إلى أصالتِهم التي نشأوا عليها في جبل لبنانَ أساساً، قادرونَ على المساهمة في هذا البناء الوطنيّ الروحي الأخلاقيّ، انسجاماً مع ثقافتِهم الإنسانية الواسعة، وانطلاقاً من تجربتهم الاجتماعية والوطنية الطويلة”.