الفنان التشكيلي فؤاد أبو عساف شكل علامة بارزة في مسيرة الفن التشكيلي في سورية، طوع البازلت بعشرات الاعمال الفنية الفريدة.
نقل أبو عساف خبرات أجداده في مدينة السويداء عبر مشاهد نحتية غاية في الخصوصية والفرادة، تمكن هذا الفنان من إيجاد معادل فني مزج من خلاله بين الأساطير السورية ومفردات الحياة المعاصرة، فلم ينسحب إلى النحت التجريدي كما حال العديد من رفاق دربه، بل خاض بدقة ورهافة استثنائية النحت التجسيدي، مراكماً دربته الطويلة مع الحجم والفراغ والكتلة.
ولد أبو عساف في بلدة (سليم) بمحافظة السويداء في عام 1966، وأنهى دراسته الثانوية فيها، التحق بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق في ثمانينات القرن العشرين، وتخرج من قسم النحت عام 1991 عمل أستاذا لقسم النحت في معهد الفنون التطبيقية والتشكيلية وفي كلية الفنون الجميلة.
بدأ مسيرته باكراً منذ طفولته في مدينة السويداء، متأثراً بالأحجار السوداء التي أحاطته منذ فتح عينيه على الحياة، فحقق أول عملٍ نحتي ولم يتجاوز العاشرة من عمره، وكان عبارة عن بورتريه لامرأة.
أسهم في تأسيس ملتقيات نحتية محلية ودولية كان أبرزها “سيع” و”جلجلة”، وكان له حضوره اللافت في الإدارة والإشراف على هذه الملتقيات، والعمل مع مجموعة كبيرة من طلاب النحت في كلية الفنون الجميلة، ولم يدخر عساف جهداً ولا وقتاً في نقل خبراته إليهم، ليس فقط في خامة البازلت، بل في خامات المعادن والخشب والفيبرغلاس. إلا أنه ظل وفياً لحجر البازلت الذي أحال قسوته إلى رقة وعذوبة متناهية، دامجاً بين الحس الفطري للنحاتين الأوائل، وبين الخبرة الأكاديمية الرفيعة، ومبرهناً في الآن ذاته على أن ثقافة النحات وقراءاته ومشاهداته هي جزء لا يتجزأ من مختبره الذاتي.
امتازت تجربة أبو عساف بنقائها الفني، وأصالتها داخل المحترف التشكيلي السوري، وقدرتها على التخلص من البناء الهندسي للتمثال على حساب الموقف الذاتي للفنان، والرغبة في التخييل بعيداً من قيم التشويه المتداولة، ونحو تأكيد قيم جمالية، لا تخلو من لمسات شعرية، وإحالات بصرية في حركة الجسد. هذا الجسد المتناغم مع تشخيصات حيوانية ونباتية كما في أعماله “شجرة التفاح” و”حبة القمح” و”ليدا والأوزة”. وقد اتضحت في هذه الأعمال مهارة نجحت في عكس المأساة، مع الإبقاء على حواف لينة بين الضوء والظل للسطح وتموضع الكتلة في الفراغ.
ويعتبر أبو عساف من أغزر النحاتين إنتاجاً فكان نتاجه أكثر من خمسة آلاف منحوتة وتم اقتناء أعماله في عدد من دول العالم والعديد من المؤسسات والوزارات في سورية وزينت منحوتاته العديد من الشوارع والحدائق والأماكن العامة.
توفي الفنان فؤاد أبو عساف في 18 أيلول عام 2021 بعد صراع طويل مع مرض السرطان.