بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس فرعها في سوق الغرب أقامت جامعة البلمند إحتفالا في حرم سوق الغرب تحدث فيه الرئيس وليد جنبلاط، وبطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، ورئيس الجامعة الدكتور الياس وراق.
وحضر الإحتفال نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، نائب رئيس مجلس الوزراء سعاده الشامي، شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، المتربوليت الياس عوده، المطران سلوان موسي، وزراء الاعلام زياد المكاري، التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، المهجرين عصام شرف الدين، الثقافة محمد بسام المرتضى، الدفاع موريس سليم، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب تيمور جنبلاط على رأس وفد من قيادة الحزب والمفوضين، النواب اكرم شهيب وهادي ابو الحسن ووائل ابو فاعور وراجي السعد وسيزار ابي خليل ومارك ضو ونزيه متى، الوزير السابق عباس خلف، النائبان السابقان غازي العريضي وانيس نصار، القيادي توفيق سلطان، السيدتان نورا جنبلاط وديانا جنبلاط، وحشد من الشخصيات الحزبية والاكاديمية والتربوية.
وفي المناسبة، قالَ جنبلاط: “منذ 10 سنوات اجتمعنا هنا في سوق الغرب بمناسبة افتتاح حرم سوق الغرب في جامعة البلمند برعاية مار إغناطيوس الرابع هزيم يرافقه المطران الياس عودة ومدير جامعة البلمند آنذاك الصديق والبروفيسور إيلي سالم أستاذي في الجامعة الأميركية أيام دراستي”، مضيفاً “بعد 10 سنوات نجتمع مجدداً في سوق الغرب، برعاية البطريرك يوحنا العاشر، يرافقه سيادة المطران الياس عودة وحضور البروفيسور الياس الوراق رئيس جامعة البلمند الحالي”.
وتابع جنبلاط: “نجتمع وقد نجحنا سوياً والخيرين والأفاضل في إقامة صرح جامع في قلب جبل لبنان في سوق الغرب، تأكيداً أن هذا الصرح التاريخي الذي يعود إلى أيام النهضة في العام 1855 والذي كان وسيبقى منارة للتنوع والعلم والمعرفة”.
وأضاف: “آنذاك، عرفت مدرسة سوق الغرب بمدرسة “الكلاسكو” وفي القرن العشرين أشرف عليها المربي الكبير جان عقل، شقيق النائب وديع عقل الذي تشرّفت جبهة النضال الوطني برفقته عبر هذه المسيرة الطويلة، وكان هدفي بعد تملّك الأرض والفضل يعود إلى الصديق الشيخ وجدي أبو حمزة، أن تستمر سوق الغرب ومدرستها في رسالة العلم والتنوع، وسأل جنبلاط: لماذا البلمند؟ ربما لصدف التاريخ وأقدار الزمن، تتلمذت في الجامعة الأميركية على يد كمال الصليبي ويوسف إيبش وبقي منهم إيلي سالم واخترت البلمند هذا الحرم الجامعي الجميل واليوم نتابع مسيرة العلم مع الدكتور الياس الوراق”.
وختم جنبلاط: “في سوق الغرب كانت الحروب التي تصارع فيها الشرق والغرب وكنا من جماعة الشرق وهذا جزء من تاريخ هذه المرحلة، وتاريخ لبنان أكاد أقول من تراثه، واليوم فوق العواصف والحروب الباردة والساخنة في كل مكان وخاصةً في فلسطين هنيئاً لنا ولكم بهذا الصرح الجامعي الكبير”.
بدوره، قال رئيس جامعة البلمند الدكتور الياس وراق في كلمته: “إن اجتماعنا اليوم في هذه المنطقة من لبنان له تميز خاص ومعان عديدة. فوجودنا اليوم يؤكد مرة بعد مرة تجذر شعبنا بأرضه وتمسكه بروح التعايش التي وإن تعاظمت المؤامرة على تدميرها وإن كثر المتآمرون لغنهائها تبقى حية في قلوبنا ومشتعلة في ضمائرنا ومترسخة في قناعاتنا بأن هذا الوطن لا يبقى سرمديا الا بتعايش ابنائه، ولا يتميز الا بتعدديته الجامعة للطوائف والأديان وانصهار معتقدات أبنائه لخلق مجتمع متنوع متماسك منيع بوجه الأزمات والشدائد، وهذا ما نشهده ونشهد عليه اليوم في ظل هذه الازمات المتعاقبة، حيث حافظ الوطن على وجوده من خلال تلاحم ابنائه والتقائهم على محبته”.
وأضاف، “في أحلك الظروف أصرت الجامعة على تحمل الأعباء المادية منفردة لأكثر من سنتين دون ان تثقل كاهل الطلاب واهلهم واصرت على بذل اقصى جهدها للحفاظ على اساتذتها وموظفيها قناعة منها انه في زمن الازمات يجب على اصحاب المسؤولية ان يسلكوا طريق الصواب مهما كانت وعرة ليكونوا مثالا يحتذى به لبناء مجتمع صالح في وطن سليم”. وأكد ان “الاوطان لا تبنى بأجيال تهجرها في اوقات المحن لتعود اليها للترفيه والاستجمام في زمن الرخاء”. واستذكر وراق قولا لكمال جنبلاط (المستقبل لا يبنى إلا بالعلم والعمل، ولا يحمى إلا بالحرية والمساواة، والعقل هو الذي يحرر الإنسان من قيود الجهل، والمعرفة هي التي تفتح ابواب المستقبل).
وكانت كلمة الختام للبطريرك يوحنا العاشر يازجي الذي قال: “أرادت الكنيسة الارثوذكسية ان يكون لها مؤسسة تختصر بعضا من رسالة، فكانت جامعة البلمند وربضت على التلة المشرفة على طرابلس. يومها قيل للبطريرك اغناطيوس الرابع هزيم، أتبني جامعة والدمار يحيط بلبنان من كل صوب؟ فأجاب، إن كان قدر البعض أن يدمر فإن قدرنا أن نبني”. وتابع يازجي، “ومنذ عشر سنوات اعادت كنيسة انطاكيا التأكيد على دورها فكان هذا الفرع في سوق الغرب بتعاون مع مع معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط الذي تبرع بالأرض بالتفاهم مع صاحب الغبطة آنذاك المثلث الرحمة البطريرك اغناطيوس الرابع هزيم”.
وقال: ” نحن هنا لنؤكد أننا ها هنا باقون لننا نعشق هذه الأرض واننا مجبولون بعشق لبنان ومعجونون بشموخ جبله الذي يناجي وجه ساكن السماء. واليوم من سوق الغرب التي كانت خط تماس نطل في هذه الذكرى في وهج لقيا وتلاق لنحكي تاريخ جامعة البلمند ونروي شيئا من رسالتها التي تختصر عيشنا وفلسفة وجودنا في هذه البلاد. نطل لنقول اننا ابناء اللقيا وابناء تلك الوجودية التي ترى في الآخر وجه الله. نطل من جبل لبنان لنناجي اخوتنا من كل الاطياف. نحن ها هنا لنروي حكاية انطاكيا المسيحية التي صبغت الدنيا بلقب مسيحيين، وكلمت الكون ببشرى الفرح على لسان ذلك الانجيلي الذي قال في البدء كانت الكلمة”.
واستذكر اليازجي كلمات للبطريرك غريغوريوس الرابع حداد قالها في زحلة عام 1911 “إنني أحب أباء وطني من جميع المذاهب على السواء، ولا فرق بينهم عندي، ألست وإياهم أبناء أب واحد وأم واحدة؟ وأولسنا جميعا صنعة خالق واحد؟ وأولسنا نسكن أرضا واحدة ونستنير بضوء شمس واحدة ونستظل بسماء واحدة وترفرف فوقنا راية واحدة هي راية الوطن العزيز؟.
وتابع اليازجي، “نطل اليوم لنؤكد على رسالتنا التي تتجاوز المصالحة وتتخطاها الى ان تبلغ قيم العيش الواحد والمواطنة في زمن يكثر فيه الحديث عن الفئوية القتالة وعن الفيدرالية المقنعة وعن الانعزالية. نطل اليوم لنقول اننا كأرثوذكس منتشرون في كل الأماكن وتربطنا بالجميع اطيب العلاقات ولا نعرف الى الانعزال سبيلا ولا الى الفئوية طريقا في حفاظ تام على اصالتنا النابذة للتقوقع والرافضة للذوبان، وبحكم موقعنا هذا كنا ونبقى وسنبقى جسور تواصل يوم سكت وتسكت لغة الحوار وعلت وتعلو لغات اخرى”.
واضاف، “من هنا ومن موقعنا هذا ندعو كما دعونا دائما الى انتظام عمل المؤسسات الدستورية في لبنان ، والضامن الوحيد لهذا هو انتخاب رئيس للجمهورية وبأسرع وقت. ندعو النواب وجميع المسؤولين الى تحمل مسؤوليتهم التاريخية وانتخاب رئيس للجمهورية. نقول هذا وعيننا على لبنان وعلى المنطقة التي تشهد فترة عصيبة لا بل مفصلية. نقول هذا وعيننا على هذا البلد الذي يتوق الى السلام ويعمل لدرء توسع الحرب التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى. نقول هذا وعيننا على غزة الجريحة وعلى فلسطين المصلوبة على قارعة المصالح. أما آن لجلجلة هذا الشعب الفلسطيني ان تجد درب القيامة؟ نقول هذا ونعي ان لبنان جزء من خضم لا يمكن له ان ينفصل عنه. نقول هذا ونعي ان الجغرافيا تلعب الدور الاكبر في رسم خارطة السياسة وان لبنان ليس جزيرة معزولة، لا بل قلب عالم عربي ومشرقي وواحة حرية وثقافة أضاءت على الشرق وعلى العالم اجمع. نقول هذا وعيننا ايضا على سوريا التي يدفع مواطنها من كل الاعراق ضريبة الحصار الاقتصادي الخانق تشردا وهجرة وتهجيرا بع ان دفع ضريبة الحرب عنفا وقتلا وخطفا وتهجيرا”.
وقال، ” عيننا على مسيحيي هذا الشرق وسواهم الذين هم واياهم ركاب قارب واحد بمعزل عن منطق الاكثرية والاقلية. وما قضية مطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفين وسط صمت دولي مستهجن الا نذرا يسيرا من كيفية امتهان كرامة هذا الانسان واستنسابية المطالبة بحقوق الانسان وفقا للمصالح الكبرى”.