تحول جذري في المواقف
بعدما كان جنبلاط رأس الحربة في دعم المعارضة السورية منذ اندلاع الثورة في 2011، وسنوات من القطيعة مع نظام الأسد، يستعد جنبلاط للقاء القيادة الجديدة في دمشق، ممثلة بأحمد الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، قائد “هيئة تحرير الشام”. تأتي الزيارة في سياق تهنئة الشعب السوري بزوال حكم الأسد والتأكيد على دعم “التقدمي الاشتراكي” لوحدة سوريا ومشروعها الديمقراطي المستقبلي.
الوفد المرافق وأهداف الزيارة
يضم الوفد إلى جنبلاط، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ونواب كتلة “اللقاء الديمقراطي”، وقياديين من الحزب التقدمي ومشايخ من الطائفة الدرزية. الهدف الرئيسي للزيارة، وفقاً لمصدر نيابي في الحزب، هو القيام بواجب التهنئة والتأكيد على أهمية دور دروز سوريا في المرحلة السياسية المقبلة، بما في ذلك صياغة دستور جديد وإعادة بناء مؤسسات الدولة السورية.
خلفيات العلاقة المعقدة
العلاقة بين جنبلاط والنظام السوري شهدت تقلبات كبيرة. فجنبلاط، الذي كان حليفاً للنظام لعقود، تحوّل إلى معارض شرس بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005. منذ ذلك الحين، وجّه انتقادات لاذعة لنظام الأسد، متّهماً إياه بالقمع والاغتيالات السياسية. ومع اندلاع الثورة السورية، زادت حدة الخلاف، حيث أعلن جنبلاط دعمه الصريح للمعارضة السورية.
مواقف متباينة داخل الطائفة الدرزية
في الوقت الذي يزور فيه جنبلاط دمشق لتهنئة القيادة الجديدة، كانت قوى درزية لبنانية أخرى، مثل الحزب “الديمقراطي اللبناني” بقيادة طلال أرسلان وحزب “التوحيد” برئاسة وئام وهاب، تحافظ على علاقات وثيقة مع النظام السوري السابق، ما يعكس انقساماً في الموقف الدرزي تجاه النظام السوري والثورة.
تطلعات لمستقبل العلاقات السورية-اللبنانية
جنبلاط يرى أن العلاقة المستقبلية بين البلدين يجب أن تقوم على الندية واحترام السيادة. وأكد خلال اجتماع للمجلس المذهبي للدروز على أهمية تقديم رؤية لبنانية جديدة حول العلاقات الثنائية تشمل ترسيم الحدود، إعادة النظر بالاتفاقيات السابقة، وبناء علاقات تستند إلى التعاون المشترك بين بلدين مستقلين.
رسائل وتحذيرات
في سياق الزيارة، حذّر النائب مروان حمادة من محاولات التوغل الإسرائيلي في منطقة جبل حوران جنوب سوريا، داعياً إلى تعزيز وحدة الصف الدرزي في كل من لبنان وسوريا لمواجهة أي تهديدات خارجية.
زيارة جنبلاط إلى سوريا ليست مجرد خطوة بروتوكولية، بل تعكس تحولاً استراتيجياً في العلاقة بين الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العلاقات السياسية بين البلدين. تبقى الأسئلة قائمة حول مدى تأثير هذه الزيارة على المشهد السياسي الداخلي في لبنان، وعلى موقع الطائفة الدرزية في إعادة بناء سوريا المستقبل.