قال تعالى: )وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة([البقرة 110] وقد جمعها القرآن الكريم مع الصلاة في ثمانٍ وعشرين آية.
والله سبحانه تعالى شدد الوعيد على تاركي الزكاة بقوله: ) وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ([التوبة 34] ومعنى الإنفاق في سبيل الله هنا إخراجُ الزكاة. وكما شَهِد تعالى للمصلين الخاشعين بالفلاح، كذلك شهد لمؤَدِّي الزكاة بقوله تعالى: ) قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2). وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3). وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4) ([المؤمنون1-2-3-4]. فالخشوع في الصلاة، وإيتاء الزكاة، والإعراض عن اللغو هي صفات المؤمنين، وقد جمعها تعالى في قوله: ) قََدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى(4)وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)([الأعلى 14-15].
وفي مذهب التوحيد: ان لاقتران الزكاة بالصلاة في كتاب الله معنى جليلاً وهو ان العبد المؤمن لا يحقق صلةً صحيحةً بالله عزَّ وجلَّ الاَّ إذا كانت له صلة اخوة في الله، لان الصلاة صلة القلب بالله، والزكاة تأكيد الاخوَّة في الله بين الغني والفقير. ومن أعان أولياء الله حُبًّا بهم كان الله حبيبَهُ ومعينَهُ وادخله دار كرامته.
قال تعالى أيضاً: )مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌٌ([البقرة 261].
ويجب على المرء قبل كل شيء ان يقصد بزكاته وجه الله تعالى مخلصاً نيته حتى تكون مقبولة عند الله عزَّ وجلَّ.
وقال الإمام عليُّ(ع) في نهج البلاغة: ثُمَّ انَّ الزكاة جُعلت مع الصَّلاة قرباناً لأهل الإسلام، فمن أعطاها طيَّب النفس بها فإنها تُجعل له كفَّارة، ومن النار حجازاً ووقايةً.
ويتبع ذلك عدم المنِّ والأذى، والإنفاق من طيب الأموال. قيل: المنُّ ان تَذْكُرَ الصَّدَقَةَ، والأذى، ان تُظْهِرَهَا. وقال الرسول(ص): لا يَقبل صدقة منَّان.
وقال الإمام الغزالي في كتابه” منهاج العارفين”: وعن كل جزءٍ من أجزائك زكاة واجبة لله، فزكاة القلب التفكر في حكمته وعظمته وقدرته ونعمِتِه ورحمتِهِ. وزكاة العين النظر بالعبرة والغضُّ عن الشهوة، وزكاة الأذن الاستماع إلى ما فيه نجاتُك، وزكاة اللسان النطق بما يقربُكَ إليه، وزكاة اليد القبضُ عن الشر والبسطُ في الخير، وزكاة الرجل السعي إلى ما فيه صلاح قلبك وسلامة دينِك.
حول معنى الزكاة:
والزكاة تطهّر صاحبها من الشُّح وتحرِّره من عبودية المال، كما قال تعالى: ) وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ([الحشر 9]. كما انَّ فيها شكراً لنعمة الله تعالى وإحياءً لخُلُقِ الكرم والرحمة والمواساة، وهي فضائل يعمُرُ القلبُ بها وَتُعزز الإيمان َ والتَّقوى.
على من تجب الزكاة
فالصدقة تؤخذ من الأغنياء وتُعطى للفقراء.
ونختم بقوله تعالى: )إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ([التوبة111].
فمن يعلم قيمة صرف المال في مرضاة الله، يُسارِعُ إلى بذل الصدقات وترك الفضولات حتى تكون الجنَّة العليا مثواه.
حرر في: 7 ربيع الأول 1430 هـ. الموافق 3/3/2009 م.
معارف توحيدية
صدر عن مكتب مشيخة عقل
طائفة الموحدين الدروز