خاص “كيان 24”
الصوت الذي نشأ عليه جيل الثمانينيات والتسعينيات وأحبّه، بقي راسخاً حتى اليوم. “غريندايزر”، البطل، كان يؤدّيه “صوت بطل”. صوت الفنّان اللبناني جهاد الأطرش.
ولد جهاد الأطرش في 28 آب من العام 1943. كان يرغب في دراسة الطيران ويحب هذا المجال، وكان يحلم في أن يصبح كابتن طائرة لكن عشقه للفن كان أكبر.
بدأ مسيرته الفنية في الإذاعة اللبنانية بأدوار صغيرة قبل أن يختاره المخرج شكيب خوري الذي آمن بموهبته، للعب دور رئيس في البرنامج الإذاعي “الملك بن ذي يزن” الذي شكل انطلاقته الفنية الحقيقية، لينتقل بعدها إلى التلفزيون مع المخرج باسم نصر في برنامج “ابن شارع”. وكرت السبحة وشارك بعده في الكثير من المسلسلات، مجسّداً من خلال أدواره الأساسية الشخصيات المهمة التي تركت أثراً كبيراً في الشعر والأدب والعلوم والفلسفة العربية، كما كانت له تجارب مختلفة في السينما والمسرح.
من أهم الممثلين اللبنانيين الذين لعبوا دوراً مهمًّا وأساسيًّا في إثراء الفن العربي عموماً والفن اللبناني خصوصاً، من خلال أعماله الإذاعية والتلفزيونية ودبلجة الأفلام الأجنبية والمسلسلات. وقد جسّد بصوته شخصيات الرسوم المتحركة التي انتشرت على نطاق واسع وأبرزها شخصية “دوق فيلد” في المسلسل الكرتوني الشهير “غريندايزر” كذلك وضع صوته على الكثير من البرامج الوثائقية. كما شارك في أغنية من أنجح أغاني الفنان المعتزل أدهم نابلسي “نسخة منّك”، فأغنى كلّ كلمة من كلمات الشاعر علي المولى وزاد جمالها جمالاً.
الدراما اللبنانية والعربية
يعتبر الأطرش من أبرز الممثلين الذين ساهموا في تأسيس الدراما اللبنانية والعربية وانتشارها. بدأ مساره الفني عام 1962 وعن هذه المرحلة يقول “كنا نعمل على الهواء مباشرة وكان يحصل تعاون على مستوى عال بين الكتاب والمخرجين والممثلين، وهو ما أسهم في مرحلة لاحقة في تطور الدراما. ولقد أنتج (تلفزيون لبنان والمشرق) بشكل خاص للعالم العربي كل التراث العربي من ناحية الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين، وكنا نمثل كل هذه الأدوار مباشرة على الهواء. وأنا كنت محظوظاً لأنني مثلت 90 في المئة من هذه الشخصيات، لأن المخرجين كانوا معجبين بنطقي وأدائي. كل من نجح في أداء اللغة العربية انطلق من الإذاعة بشكل خاص، لكنني في طفولتي كنت معجباً بالطائرات، وكنت أشعر بالدهشة عندما أشاهد هذه الكتلة الضخمة وهي تنطلق من على المدرج ومن ثم تطير في الجو وتحلق عالياً ثم تتوارى عن الأنظار. ولو أنني لم أنجح في التمثيل لكنت اخترت لنفسي مهنة طيار وحتى الآن لا تزال الطائرة تدهشني”.
كُرّم الأطرش في عدّة مناسبات. وأخيراً كُرّم الأطرش، من كلية الدعوة الإسلامية في مركز الأزهر، على أدواره التمثيلية التي جسّد من خلالها العديد من شخصيات التراث العربي والإسلامي والكثير من العلماء والفلاسفة العرب. وقد كان للدعوة الأزهرية وقع مؤثّر عليه وعبّر الأخير عن سروره، قائلاً: “أحببتُ التكريم في الأزهر، إذ يكفي أني جسّدت أجمل الأدوار للفلسفة العربية الشاملة والتراث والشعر العربي، فالمعرفة مهمّة جداً، وقد شبّهتها بالفرح وأتمسّك بالثقافة التي يحرّكها صوت الفكر والوعي والانتماء الفعلي والحقيقي، فأهم الثورات العالمية كانت ثقافية تحرّكها كلمة”.
أمّا اليوم، وبعدما بات مرجعاً في الإلقاء والأداء فهو يعمل في مجال التدريب على الإلقاء في الميدان التمثيلي والإعلامي. وعن أعماله المستقبلية، كشف الأطرش أخيراً عن تسجيله وثائقي “الحج مناسك وعبر”، كما لا يزال يقوم بتسجيل وثائقيات تتناول أئمة المساجد في المملكة العربية السعودية.