رعى شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الدكتور سامي أبي المنى، السبت، افتتاح “معرض بيروت الأول للمنتجات الريفية” الذي أقيم بالتنسيق مع وزارة الثقافة ونظّته اللجنتان الاجتماعية والادارية في المجلس المذهبي بالتعاون مع تجمّع الجمعيات النسائية في الجبل وذلك في قصر الأونيسكو في بيروت، بمشاركة وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، ممثل الاستاذ وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط النائب مروان حمادة، ممثل سماحة الشيخ القاضي نعيم حسن الشيخ نزيه صعب، النائب فيصل الصايغ والوزراء والنواب السابقين: ناجي البستاني، هنري الحلو، وديع الخازن وانطوان سعد.
كذلك شارك السفراء: البابوي في لبنان باولو بورجيا، السودان ونائب السفير السعودي فارس بن حسن عمودي وممثل سفارة فلسطين نيفين علي والاب ايلي كيوان ممثلا المطران مارون العمّار، وقضاة من المذهب الدرزي وشخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية وأهلية وروحية ورؤساء لجان وأعضاء من المجلس المذهبي وحشد من المشايخ والفاعليات ورؤساء البلديات والهيئات الى جانب المؤسسات والجمعيات.
بعد النشيد الوطني اللبناني استهلالًا وتقديم من عبدالله ملاعب، تحدّث وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، قائلا:
شيخي صاحب السماحة شيخ العقل، عندما أقول شيخي لا أرمي الكلام جزافًا، أصحاب المعالي أصحاب السعادة المشايخ الاجلاء وكلكم كرام وأصحاب مقامات.
سماحة الشيخ لا تنفك تبهرنا نعرفك شيخا جليلًا متقنًا للشعر والأدب حريصًا على الأخلاق والقيم والموروث وإذ بك تتحفنا اليوم بأنك ولي التراث اللبناني الحرفي، اتقانك للشعر والأدب هو على الهامش وهذه بتواضع، شهادة من وزير الثقافة وحرصك على القيم والأخلاق هو حرص غير عادي وما ذكرت لوحدهم جعلوا وزير الثقافة يقول: طالما شيخ سامي كما هو الشيخ سامي لماذا توجد وزارة ثقافة ووزير للثقافة، الشيخ سامي أعطى الثقافة على الدوام بعدها الحقيقي والفعلي والواقعي، بُعدها المنطقي والمفيد، الثقافة أولا وقبل اي شيء وفوق اي شيء هي بثّ الوعي في هذا المجتمع بما هو قيمه.. ما يفيد هو المناسبة والفعالية اليوم، ما يحصل في هذا المكان في هذه الظروف هي خير دليل على أن الشيخ سامي كما نراه وعهدنا به بارك الله بكم. قال لي الشيخ سامي قبل قليل: نشكركم على التعاون فقلت له طالما حضرتك كما انت نحن غير متعاونين فقط بل بالتصرف معكم .
ثم تحدث وزير الاقتصاد أمين سلام، قال:
“سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، السادة والسيدات الحضور الكريم، بداية أشكركم على دعوتي للمشاركة في المعرض السنوي الأول للمنتجات الريفية الغذائية والحرفية والفنية،
ولا بد هنا أن أوجّه التحية أيضاً لوزارة الثقافة على دعم هذا المعرض وتشجيع المنتجات المحلية الصنع، والشكر أيضاً موصول لتجمع الجمعيات النسائية في الجبل، وكل من شارك وساهم في إنجاز هذا المعرض”،
أضاف: “فعلياً، تعتبر المنتجات الريفية على كافة أشكالها وأنواعها جزءا أساسياً من حياتنا اليومية، وتلعب دوراً أساسياً في دعم الاقتصاد المحلي والمنتجات المحلية من جهة، وتشغيل اليد العاملة اللبنانية وتطويرها من جهة ثانية، إضافة إلى أنّها تنشر ثقافة المجتمع المحلي التراثي وتسعى لنقل تلك الثقافة إلى الداخل وأهل المد والخارج، لتصبح محطّ اهتمام كبير من المواطنين والسيّاح، ونحن اليوم في لبنان في ظل الظروف التي نمرّ بها أحوج ما نكون إلى مثل هذه المعارض، وأؤكّد دعمنا ووقوقنا في وزارة الاقتصاد إلى جانب أصحاب هذه المنتجات لما له من أهمية في دعم الاقتصاد الوطني من جهة، وتحسين صورة لبنان في الداخل والخارج من جهة أخرى، ولا بد من السعي دائماً إلى دعوة اللبنانيين إلى تشجيع المنتجات الريفية على كافة أنواعها، والترويج للمنتوجات المحلية، بالإضافة إلى تعزيز قدرات المنتجين
وتحسين ظروف الإنتاج، وتنمية السياحة القروية المحلية وأنشطة الصناعة التقليدية القروية، وتصديرها إلى الخارج”،
وختم: “أتمنى لكم التوفيق والنجاح، وإلى مزيد من التطور والتقدم لوطننا الحبيب لبنان”.
شيخ العقل
وأخيرًا تحدث راعي المناسبة سماحة شيخ العقل الدكتور سامي ابي المنى قائلًا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين والصلاةُ والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه المُنتجَبين وعلى أنبياءِ الله الطاهرين…
معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى،
معالي وزير الاقتصاد الأستاذ أمين سلام،
ممثل معالي الأستاذ وليد بك جنبلاط ورئيس اللقاء الديمقراطي سعادة النائب الأستاذ تيمور بك جنبلاط،
ممثل سلَفِنا الموقّر سماحة الشيخ نعيم حسن، مستشارِنا الأخ الشيخ نزيه صعب،
سعادة السفير البابوي المونسنيور باولو بورجيا،
أصحابَ السعادة النواب والسفراء والمدراء العامّين، أصحابَ السيادة والفضيلة، السيدات والسادة الكرام، الأخوة والأخوات أعضاء المجلس المذهبي وتجمع الجمعيات النسائية في الجبل، الأهالي والأبناءِ الأعزّاء المشاركين في المعرض، جمعياتٍ وأفراداً، أيُّها الأحبّة…
قال تعالى في كتابه العزيز: “وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ”. وقال الرسول (ص): “ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ، خَيْرًا مِن أنْ يَأْكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللَّهِ داوُدَ عليه السَّلامُ، كانَ يَأْكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ”.
من هذا المنطلَق المرتبط بالإيمان وبالقول المنزَل والحديث الشريف الذي يحضُّ على إحياء الأرض المَيتةِ بعمل اليد والجَدِّ والكدّ لكسب الرزق الحلال والمشاركة في قيام الحياة، قبل أن يكون المنطلَقُ مرتبطاً بالوضع الحالي المأزوم والانهيار الاقتصادي المتفاقم في بلادنا، من هذا المنطلَق وذاك، جاءت فكرةُ المعرِض من قبل اللجنتين الإدارية والاجتماعية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، فباركناها وسلكت طريقها إلى التنفيذ، بالتنسيق مع وزارة الثقافة السبَّاقة دائماً لتلقُّف المبادرات الخيِّرة، وبرعايةٍ مشترَكة مع معالي الوزير الصديق شريكِنا الداعم لإقامة هذا المعرِض والمساهم الدائم في النشاطات الثقافية والتوجُّهات الأخلاقية والاجتماعية والوطنية، وذلك بهدف دعم المنتِجين الصغار وأصحاب الحرف اليدوية، من خلال مساعدتهم في تسويق إنتاجهم وتطوير عملهم، أملاً بأن يصلوا إلى مضاعفة حجم هذا العمل وتوسيع نطاق اهتمامهم وزيادةِ نسبة إنتاجهم، وهذا ما سيساعد حتماً في توفير المزيد من فرص العمل في الجبل والمناطق الريفية، إضافةً إلى ما يعنيه احتضانُ هذا النوعِ من المشاريع من تشجيعٍ على العودة إلى القرية وتعلُّقٍ بالأرض واستثمارِها، ومن تفعيلٍ للدورة الاقتصادية في المناطق الريفية، وبالتالي زيادة المساحات الخضراء وحماية البيئة.
لسنا الوحيدينَ في هذا المضمار فقد شهدنا خلالَ هذا الصيفِ معارضَ عدّةً في الجبل والمناطق اللبنانية، ولكنّ لجنةَ المعرِض اختارت العاصمةَ بيروت لتكونَ محطةً ختامية في موسم التموين والاستعداد لفصل الشتاء، وملتقىً يُتوِّجُ ما قامت به الجمعياتُ والهيئاتُ المحليَّة في مناطق الشوف وعاليه والمتن وراشيا وحاصبيا، ووقَع الاختيارُ على قصر الأونيسكو لسببين؛ أولهما الرؤية المشترَكة التي تجمعُنا ومعالي وزير الثقافة، والتعاون الميسِّر الذي نلمسُه دائماً من الوزارة، وثانيهما لأنّنا أردنا أن يكون هذا العملُ ثقافياً بقدر ما هو اقتصاديّ، ونحن لسنا بعيدين في التوجُّه الاقتصادي عن معالي الوزير الصديق وعن وزارة الاقتصاد، لكنَّنا أردنا أن نرسِّخَ في مجتمعِنا ثقافةَ العمل وإنتاجِ الأفضل باتخاذ المبادرة وإتقان الغرس الصالح والسَّقي المنظَّم، اقتداءً بقول الرسول (ص): “إنّ الله سبحانه وتعالى يُحبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملاً أن يُتقنَه”، وبقول الإمام علي (ع): “اِعلَم أنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ نَباتاً، وكُلُّ نَباتٍ لا غِنى بِهِ عَنِ الماءِ، والمِياهُ مُختَلِفَةٌ، فَما طابَ سَقيُهُ طابَ غَرسُهُ وحَلَت (احلَولَت) ثَمَرَتُهُ، وما خَبُثَ سَقيُهُ خَبُثَ غَرسُهُ وأمَرَّت ثَمَرَتُهُ”.
إنَّنا مَعنيُّون بالسعي لجني الثمار الحلوة، وليس المرَّة، وذلك لا يكون إلَّا بالكدح والاجتهاد والمثابرة لجَني الرزق الحلال، تأكيداً لما جاء في الكتاب المقدَّس: “الْعَامِلُ بِيَدٍ مُسْتَرْخِيَةٍ يَفْتَقِرُ، أَمَّا الْيَدُ الْكَادِحَةُ فَتُغْنِي”، ويقيناً منّا بأنّ “مَالَ الظُّلْمِ يَتَبَدَّدُ سَرِيعاً” أمَّا “الْمَالُ الْمُدَّخَرُ مِنْ تَعَبِ الْيَدِ فيَزْدَادُ”.
لذلك فإنَّنا راعُون لهذا التوجُّهِ، وساعون لتحقيق هذه الهدف، انطلاقاً من مسؤوليتنا الروحية والأخلاقية والاجتماعية والوطنية، وكما دَعونا وندعو دائماً من موقعِنا إلى التكامل والتشارك على المستوى الروحي والوطني لإنقاذ لبنانَ التنوّعِ والغنى، وللنهوضِ بالوطن، كذلك فإننا ندعو دائماً إلى التشارك والتكامل على مستوى العمل والإنماء وصيانة المجتمع، وكما أن الوطنَ بحاجةٍ إلى الحوار والتلاقي وتغليب المصلحة الوطنية والتعاضد السياسي للتصدّي للعدوان الإسرائيلي إذا ما تمادى ولمواجهة التحديات المصيرية وتحصين مؤسسات الدولة بملء الفراغ الرئاسي أوّلاً وبالتعيين الإداري المطلوب وحماية أموال الناس واستدراك الوضع الاقتصادي قبل الانهيار الأكبر، كذلك فالواقعُ المعيشي بحاجة إلى التعاضد والحوار والتلاقي حول السُبُل الفضلى لتدعيم الحياة المعيشية وتعزيز ثقافة الاعتماد على النفس وتحصين المجتمع المحلّي وملء الفراغ الشبابي في مناطق الأطراف والناجم عن الهجرتين الداخلية والخارجية بسبب تقلُّص فرص العمل وتراكم الأزمات.
أيُّها الأحبّة،
نحن هنا اليومَ لنباركَ هذا العملَ الجماعيَّ الذي جاء تتويجاً للمشاريع التدريبية التي نظمتها اللجنة الإدارية في أكثر من قرية خلال السنتين الماضيتين في مجالات العمل الزراعي والحرفي والتصنيع الغذائي، وتأكيداً على اهتمام اللجنة الاجتماعية في المجلس بالشأن الاجتماعي ورعايته، وعلى أهميّة التنسيق والتعاون الذي تتولَّاه مع تجمُّع الجمعيات النسائية في الجبل لتمكين المرأة وتشجيع ذوي الدخل المحدود على العمل والانتاج.
نحن هنا لنبارِكَ ونشجِّعَ هذا العملَ التعاونيَّ المقاوِمَ في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمعيشية والسياسية، والرافضِ لحال العبث والفساد والترهُّل والجمود واليأس والهروب إلى الأمام التي تسيطرُ على البلاد بالرُّغم من بعض المحاولات المقدَّرة، والمتحدّي لحالة العجز عن إنتاج الحلول والمبادرات لاستعادة ثقة الناس بدولتهم وثقة الخارج بلبنانَ المزدهر.
إنه نداءٌ للبنانيين، كلِّ اللبنانيين، للثبات في أرضِهم وتعزيز ثقتهم بأنفسِهم وبقدرتهم على مواجهة التحديات معاً، من خلال تحفيز الطاقات الإنتاجية لدى المزارعين والحرفيين والصناعيين الصغار وإشعارهم بالأمان والرعاية والاهتمام،والمساعدة بتصريف إنتاجهم وتوسيع مجالات عملهم، وخلق جوٍّ من التعاون بين أبناء القرى الجبلية والبلدات الريفية، وإيجاد دوافعَ لهم لتنظيم أوضاعهم بإنشاء الجمعيات والتعاونيات الصغيرة التي تحتضنُ إنتاجهم وتساعدُهم على التوسُّع والابتكار.
وتحيةً أخيرة إلى أهلِنا الأعزَّاءِ في بيروتَ، وقد قصدنا من خلال هذه المبادرة وصلَ الجبلِ بالساحلٍ والقريةِ بالمدينة،من خلال المعارض التي تؤمِّنُ لأهل الريف تصريفَإنتاجهم، ولأبناء المدينة التموّنَ من خيرات الأرض ومن منتجات أبناء الريف، وبالتالي توثيقَ العلاقة بين اللبنانيين، فتكون هناك معارضُ دورية متبادَلة في الأرياف والمدن، تجْمَعُ الأهالي بعضَهم إلى بعض وتُشعرُهم بالوحدة الوطنية وصدقِ الانتماء الى الأرض الواحدة، فتتوحَّد صفوفُهم وتتكامل طاقاتُهم في مواجهة تحدي الحرب واحتمالاتِها بالمزيد من الإصرار على ثقافة الحياة والعمل والتعاضد الاجتماعي.
إنَّ هذا المعرِضَ الجامعَ هو تجربةٌ أُولى نتمنى ان تنجحَ وتُثمر، وستنجحُ بعون الله، وبحضوركم ومشاركتِكم جميعاً، لتستمرَّ في المستقبل وتتوسَّعَ عاماً بعد عام، وموسِماً إثرَ موسم.
شكراً لكم على الحضور، شكراً لكلّ من ساهم وضحَّى وتابعَ وعمِلَ وتعاون، شكراً للجنة المشرفة على المعرِض، شكراً لإدارة قصر الأونيسكو ولوزارة الثقافة، والشكر موصولٌ لكلِّ المساهمين؛ تبرُّعاً وتطوُّعاً وتعاوناً، فهكذا يحلو العملُ وهكذا يتحقَّقُ النجاح، وهكذا نواجهُ الموتَ ونحفظُ شرفَ الحياة.
وقد قلنا يوماً:
شرفُ الحياة بأن نجودَ ونَجهدا
لا بالخمولِ، فذاك من نوع الرَّدى
إعمَلْ لدنياك الفسيحةِ جاهداً
وكأن عيشَك في حِماها سرمدا
واعملْ لآخرةٍ يفـوقُ جمالُها
وكأنّ موتَك حاصلٌ حقّـــاً غدا
هذا هو النهجُ الصراطُ المستقيـــ
مُ، فمَن يُرِدْ فوزاً سعى وتجنّدا
قد صاغَ من عَرَقِ الجبينِ لآلئاً
ومن الدماءِ سقى الثرى واستُشهِدا
مَن جدَّ من أجل الحيــاةِ كأنّه
أدّى الفريضةَ مُخلِصاً وتعبَّــــدا.
وفّقكم الله والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه.
بعد ذلك قصّ سماحة شيخ العقل والوزيرين المرتضى وسلام والنائب حمادة شريط افتتاح المعرض الذي شارك فيه نحو 80 مؤسسة من منطقة الجبل تتضمن منتوجات واشغالا حرفية عدة.