كتب محمد حجيري في جريدة “المدن”: 1.
رحل الإعلامي والناقد والناشط السينمائي اللبناني المقيم في باريس، وليد شميط(82 عاماً)، ونعته زوجته الشاعرة رفيف فتوح عبر حسابها الفايسبوكي: “إلى اللقاء يا حبيب قلبي وعمري وكل الذكريات، للحياة تاريخ انتهاء لكن الحب لا ينتهي ولا يموت ولا يذهب بعيداً وكيف يموت من في القلب مسكنه… ما أبشع الموت، ما أصعب الفراق، إلى اللقاء وليد”. وكتب صديقه كمال طربيه “كم أحزنني رحيلك يا وليد.. رفيق العمر على درب التفتيش عن وطن مسروق وعن عدالة مغيبة.. توجت مسيرتك الثقافية في إعادة تنقيح وإصدار كتاب فلسطين في السينما، وقد كنت رائداً وأستاذاً في النقد السنمائي.. تشابكت دروبنا حين كنت رئيسي في نادي الصحافة العربية في باريس، ومن ثم تحمسنا لثورة 17 تشرين وأسسنا مع كوكبة من الرفاق التجمع اللبناني في فرنسا لاستعادة الدولة وتحقيق العدالة. منذ أقل من أسبوعين تحدثنا طويلاً عن غزة التي تذبح تحت عيون العالم المتحضر”!
ووليد شميط ابن مدينة عاليه، كان مسكوناً بالسينما، وأحد رواد نقدها في العالم العربي، وأحد الذين ساهموا في تعريف وتحبيب فنّ السينما للقراء أولاً، وللمشاهدين ثانيًا على الشاشات الصغيرة من خلال برنامجه التلفزيوني في لبنان، من دون أن ننسى عمله في إذاعة الشرق في باريس ضمن فقرة “النشرة مستمرة”. وعرف بتنظيراته للسينما البديلة والملتزمة ضد الاستهلاك، ونشر كتابات دقيقة، وأحياناً انتقائية، عن سينما المخرج المصري يوسف شاهين وتاريخ السينما الفلسطينية واللبنانية والعربية، وفي حواراته الإعلامية عن علاقته بالسينما ذكر أنّه كان مغترباً في البرازيل وهناك اكتشف السينما، كما أتيح له العمل في أحد مسارح ساو بولو. وعندما عاد الى لبنان، وجد نفسه ناقداً وسينمائياً، واختاره بعض أصدقائه السينمائيين ليكون ممثلاً في أفلام مثل “سيّد تقدّمي” لنبيل الملاح، و”عارضة الأزياء” للتونسي صادق بن عايشه، و”الرأس” للعراقي فيصل الياسري.
عمل وليد شميط مساعد مخرج ومديراً للانتاج في عدد غير قليل من الأفلام اللبنانية والعربية والأجنبية، بين أواخر الستينات وأواخر السبعينات. وقدم في “تلفزيون لبنان” برنامجي ” تاريخ السينما في لبنان” و”تاريخ السينما في مصر” وهذا ما سمح له بإجراء مقابلات مع عدد كبير من السينمائيين اللبنانيين والمصريين على السواء، وهم من الكبار الذين أسسوا السينما في لبنان ومصر، بينهم مارون بغدادي وصلاح أبو سيف وبرهان علوية. وأتيح له إنجاز أفلام تسجيلية خلال الحرب. أيضاً كان ناشطاً سينمائياً، وفي العام 1974 أسس مع مجموعة من النقاد والكتّاب والمهتمين بالسينما “النادي السينمائي العربي”، فأصبح من معالم المدينة بين كورنيش المزرعة والحمرا، وكان محطة بارزة في الاهتمام بالأفلام النوعية و”السينما البديلة”، واستضاف المخرج بيار باولو بازوليني بمناسبة عرض فيلمه “حظيرة الخنازير”.. ويقول المسرحي فايق حميصي: “كان وليد شميط يأتي إلى طرابلس ويدير ندوة نادي المسرح الذي أطلقه إميل شاهين، في سبعينيات القرن الماضي في سينما شهرزاد. منه تعلمنا أصول السينما ومكونات السينما الصناعية والفنية. ثم اكتشفت أنه يثقف كل اللبنانيين والعرب عبر كتاباته النقدية للأفلام اللبنانية والعربية والدولية.
ووضع وليد شميط كتاباً عن المخرج يوسف شاهينن بعنوان “يوسف شاهين وحياة للسينما”(دار رياض الريس)، ويقول في حوار لجريدة “النهار”: كنت حريصاً على إبراز شخصية يوسف شاهين الإنسان عبر أفلامه، لأنه من السينمائيين العرب والعالميين القلائل الذين يستحيل فصل أفلامهم عن شخصياتهم. إنه نفسه، هو وأفلامه، تنطق سينماه بهواجسه وعالمه، وحرصت على اظهار هذا الجانب في الكتاب، كما حرصت على تناول الموضوعات التي شغلت يوسف شاهين والتركيز عليها وتذكير القارئ بتكرار تلك الموضوعات في افلامه بغية تقديم فكرة عامة عن يوسف شاهين إنساناً وسينمائياً مبدعاً ومفكر”. وثمة مأخذ على الكتاب أنه لم يكن شاملاً.
وله كتاب “فلسطين في السينما”، وهو ترجمة لمعظم محتوى كتاب آخر صدر بالفرنسية أوائل العام 1977 عن دار E 100 للنشر في باريس، بعنوان La Palestine et le Cinema (فلسطين والسينما)، كعمل جماعي بإشراف الناقدَين الفرنسي غي هينبل والتونسي خميس خياطي. وترجم وليد شميط، الكتاب في معظمه، وإضافة مواد له، مقالات ومقابلات، وأصدره العام التالي بالعربية عن دار “الفجر”.
ومن مؤلفاته أيضاً “رجل البناء في زمن الهدم”، أعدّه وليد شميط عن الوجه اللبناني رجا صعب (1927-1988)، بالتعاون مع “مجموعة الاقتصاد والأعمال”، وتناول سيرته وإنجازاته والدور الذي أداه. وله “إمبراطورية المحافظين الجدد… التضليل الإعلامي وحرب العراق”( دار الساقي). حرص على جمع أكبر عدد ممكن من المراجع العلمية التي دعمت أفكاره ونظرته إلى الأمور الراهنة بمساوئها ومخاطرها، كما استند إلى كتب قيمة في الفكر السياسي والسوسيولوجي. يتناول الكتاب سياسة التضليل في الحرب ضد العراق، ويستعرض الأدوات والطرائق التي مورست لتبرير هذه الحرب.
وفي المدة الأخيرة كان يُعدّ كتاباً عن مشروع المخرج برهان علوية السينمائي والإنساني.