لم يأتِ عصام شرف الدين إلى الوزارة من صالونات السياسة، بل من خطوط الإنتاج، حيث تُصنع السلع وتُحسب الكلفة وتُقاس النتائج. رجلٌ حمل معطف الصيدلي قبل أن يرتدي بدلة الوزير، فشكّل حضوره في العمل العام امتدادًا طبيعيًا لمسيرة طويلة في الصناعة والأعمال.
وُلد عصام شرف الدين في مدينة عاليه عام 1954، وتخرّج صيدليًا من الجامعة الأميركية في بيروت عام 1976. بدأ مسيرته المهنية في المجال الصيدلاني، قبل أن ينتقل في أوائل التسعينيات إلى عالم الصناعة، مؤسِّسًا مع شركائه “مختبرات شرف الدين الصناعية” المتخصصة في تصنيع الصابون ومواد التجميل والتنظيف، والتي تحوّلت إلى شركة لبنانية راسخة ذات حضور محلي وخارجي.
لم يكتفِ شرف الدين بإدارة شركته، بل انخرط بعمق في الشأن الصناعي العام، فكان عضوًا فاعلًا في جمعية الصناعيين اللبنانيين، ونائبًا لرئيس نقابة الصناعات الكيميائية، ورئيسًا مؤسسًا لجمعية صناعيي عاليه. هذه التجربة جعلته على تماس مباشر مع تحديات الاقتصاد الحقيقي: من كلفة الإنتاج، إلى التصدير، إلى علاقة الدولة بالقطاع الخاص.
إلى جانب الصناعة، عُرف بنشاطه الاجتماعي والبيئي والثقافي، فساهم في تنظيم مهرجانات صيف عاليه، وأطلق مبادرات تشجير وحماية للبيئة، وأسّس نادي عاليه للدراجات الهوائية، في مشهد يعكس اهتمامه بالتنمية المحلية المستدامة.
سياسيًا، دخل عصام شرف الدين الحياة العامة من باب الاستشارة والعمل الحزبي، قبل أن يُعيَّن وزيرًا للمهجرين في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. في الوزارة، حمل مقاربة مختلفة، متأثرة بخلفيته العملية، فتعاطى مع الملفات الحساسة — وعلى رأسها ملف المهجرين والنازحين — بلغة الأرقام والإدارة لا بالشعارات فقط، وأطلق مواقف صريحة انتقد فيها أداء الحكومة وآليات التعطيل داخلها.
يجسّد عصام شرف الدين حالة نادرة في المشهد اللبناني: صناعيٌّ انتقل إلى السياسة محمّلًا بعقلية الإنتاج والمساءلة، في بلد يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى مسؤولين يعرفون كيف تُدار المؤسسات قبل أن يتحدثوا باسمها.
